وَعُقْبَةُ الْأَجِيرِ
لَا حَمْلِ مَنْ مَرِضَ، وَلَا اشْتِرَاطُ إنْ مَاتَتْ
ــ
[منح الجليل]
فَكَسْرٍ قَدْرُهَا، فِيهَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ حَمْلَ هَدَايَا مَكَّةَ، فَإِنْ كَانَ أَمْرًا عُرِفَ وَجْهُهُ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ. أَبُو الْحَسَنِ أَيْ كِسْوَتُهَا وَطِيبُهَا فَظَاهِرُهُ جَوَازُ تَطْيِيبِهَا وَكِسْوَتِهَا إلَّا أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ، وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِ مَا يُخَلِّقُ بِهِ الْمَسْجِدَ أَوْ يُجَمِّرُهُ أَحَبُّ إلَيَّ اهـ، وَقَدْ قَالُوا: إنَّ كِسْوَةَ الْكَعْبَةِ مُخَصَّصَةٌ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ كِسْوَةِ الْجُدَرَانِ، وَبِهَذَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ، وَقَرَّرَهُ الْبِسَاطِيُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُكْرِي أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْمُكْتَرِي هَدِيَّةَ وُصُولِهِ إلَى مَكَّةَ إنْ عُرِفَ قَدْرُهَا.
(وَ) يَجُوزُ لِلْمُكْتَرِي اشْتِرَاطُ (عُقْبَةِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَيْ رُكُوبِ (الْأَجِيرِ) أَيْ الْخَدَّامِ الَّذِي يَقُودُ بِهِ الدَّابَّةَ الْمِيلَ السَّادِسَ عَلَى الدَّابَّةِ مَعَ الْمُكْتَرِي أَوْ بَدَلِهِ وَيُمْشِيهِ الْمُكْتَرِي.
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا بَأْسَ أَنْ يَكْتَرِيَ مَحْمَلًا وَيَشْتَرِطَ عُقْبَةَ الْأَجِيرِ. ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ رَأْسُ سِتَّةِ أَمْيَالٍ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَرْكَبُ الْمِيلَ السَّادِسَ، وَفِي نَدْبِ اشْتِرَاطِ عُقْبَةِ الْأَجِيرِ لِيَخْرُجَ مِنْ كَرَاهَةِ فِعْلِ مِثْلِ مَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ وَوُجُوبِهِ لِيَخْرُجَ مِنْ حُرْمَةِ فِعْلِ الْأَضَرِّ مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ قَوْلَانِ. أَبُو الْحَسَنِ أَيْ يَعْقُبُهُ أَجِيرُهُ فِي الرُّكُوبِ بَعْضُهُمْ يَرْفَعُ اشْتِرَاطَ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ إكْرَاؤُهُ لِغَيْرِهِ إنْ أَكْرَاهَا لِلرُّكُوبِ. أَبُو الْحَسَنِ لَيْسَ هَذَا بِبَيِّنٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا وَعَاقَبَهُ صَارَ كَمِنْ أَكْرَى لِمَنْ هُوَ أَثْقَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْعَيِيَّ أَثْقَلُ مِنْ غَيْرِهِ أَبَدًا، فَفَائِدَتُهُ رَفْعُ الْمَنْعِ. اهـ. وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ سَمَاعِ عِيسَى ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالثَّانِي نَصُّ قَوْلِ أَصْبَغَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ نَدْبٌ وَلَا وُجُوبٌ.
(لَا) يَجُوزُ اكْتِرَاءُ جَمَاعَةٍ مُشَاةٍ دَابَّةً لِحَمْلِ أَزْوَادِهِمْ بِشَرْطِ (حَمْلِ مَنْ مَرِضَ) مِنْهُمْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَجَهَالَةٌ وَقَدْ يَظْهَرُ صَحِيحُ الْمَرَضِ لِرَغْبَتِهِ فِي الرُّكُوبِ فَيُؤَدِّي لِلتَّنَازُعِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ تَكَارَى مِنْ رَجُلٍ إلَى مَكَّةَ مِثْلَ مَا يَتَكَارَى النَّاسُ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ أَكْرَى مُشَاةً عَلَى أَزْوَادِهِمْ عَلَى أَنَّ لَهُمْ حَمْلَ مَنْ مَرِضَ مِنْهُمْ فَلَا يَجُوزُ.
(وَلَا) يَجُوزُ اكْتِرَاءُ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ مِصْرَ إلَى مَكَّةَ مَثَلًا وَلَا (اشْتِرَاطُ إنْ مَاتَتْ) دَابَّةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute