وَأَرْضِ مَطَرٍ عَشْرًا، إنْ لَمْ يَنْقُدْ، وَإِنْ سَنَةً
ــ
[منح الجليل]
تَأْوِيلُ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ (تَأْوِيلَانِ) عِيَاضٌ اُخْتُلِفَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ إذَا قَالَ أَكْتَرِي مِنْك سَنَةً أَوْ شَهْرًا دِرْهَمٌ فَحُمِلَ الْأَكْثَرُ، ظَاهِرَ الْكِتَابِ عَلَى أَنَّهُ مِثْلُ هَذِهِ السَّنَةِ فِي لُزُومِهِمَا السَّنَةَ أَوْ الشَّهْرَ، وَهُوَ بَيِّنٌ مِنْ قَوْلِهَا إنْ أَكْرَيْتهُ دَارًا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ فَجَائِزٌ، وَلَهُ أَنْ يَسْكُنَ وَيُسْكِنَ مَنْ يَشَاءُ، وَلَوْ كَانَ لِرَبِّهَا الْخِيَارُ وَإِخْرَاجُهُ لَمْ يَتْرُكْهُ يُسْكِنُ مَنْ شَاءَ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ إنْ اسْتَأْجَرْت دَارًا بَعْدَ مُضِيّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ، قَالَ تُحْسَبُ هَذِهِ الْأَيَّامُ ثُمَّ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ تَكْمُلُ مَعَ الْأَيَّامِ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ الشَّهْرِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا.
وَفِي كِتَابِ الْمُدَبَّرِ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ اخْدِمْنِي سَنَةً وَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ هَذِهِ السَّنَةَ لِسَنَةٍ سَمَّاهَا فَمَرِضَ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ، فَإِنَّهُ حُرٌّ، قَالَ: وَإِنَّمَا سَأَلْت مَالِكًا عَنْ سَنَةٍ مُؤَقَّتَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الَّذِي أَكْرَى دَارِهِ أَوْ دَابَّتَهُ أَوْ غُلَامَهُ فَقَالَ أُكْرِيهَا مِنْك سَنَةَ، فَالسَّنَةُ مِنْ يَوْمِ وَقَعَ الْكِرَاءُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: هَذِهِ السَّنَةَ بِعَيْنِهَا، وَهَكَذَا لَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي تَفْسِيرِ يَحْيَى وَكِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ. وَذَهَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ أُكْرِيَ مِنْك سَنَةً لَا يَقْتَضِي التَّعْيِينَ، وَلَهُ الْخُرُوجُ، وَلِرَبِّهِ إخْرَاجُهُ مَتَى شَاءَ، مِثْلُ قَوْلِهِ كُلَّ سَنَةٍ وَأَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْكِتَابِ مِنْ هَذَا إنَّمَا مَعْنَاهُ سَنَةٌ مُعَيَّنَةٌ وَخَلَفَهُ ابْنُ لُبَابَةَ فِي تَأْوِيلِ لَفْظِ الْكِتَابِ عَلَى مَا بَعْدُ، ثُمَّ قَالَ: الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ أُكْرِيكَ كُلَّ سَنَةٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ، فَمَذْهَبُ الْكِتَابِ وَالْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ، وَالثَّالِثَةُ قَوْلُهُ أُكْرِيكَ السَّنَةَ بِدِرْهَمٍ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ سَنَةً الشَّارِحُ جَرَى الْخِلَافُ فِي الْمُفْرَدِ؛ لِأَنَّهُ يُذْكَرُ تَارَةً لِتَحْدِيدِ الْمُدَّةِ وَتَارَةً لِتَحْدِيدِ الْكِرَاءِ.
(وَ) جَازَ كِرَاءُ (أَرْضِ مَطَرٍ عَشْرًا) مِنْ السِّنِينَ (إنْ لَمْ يَنْقُدْ) الْمُكْتَرِي الْكِرَاءَ لِلْمُكْرِي، أَيْ لَمْ يَشْرِطْ النَّقْدَ، وَلَوْ نَقَدَ بِالْفِعْلِ، فَإِنْ شَرَطَ النَّقْدَ فَلَا يَجُوزُ. طفي الْمُضِرُّ هُوَ شَرْطُ النَّقْدِ فَلَا يَضُرُّ النَّقْدُ مَعَ السُّكُوتِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ الْخِيَارِ، وَقَدْ صَرَّحَ هُنَاكَ بِجَوَازِ النَّقْدِ تَطَوُّعًا كَ الْمُدَوَّنَةِ، فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَاهُ: إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ النَّقْدَ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ النَّقْدَ فَسَدَ الْكِرَاءُ كُلُّهُ إنْ شَرَطَ النَّقْدَ لِكُلِّ الْعَشْرِ، بَلْ (وَلَوْ) شَرَطَ النَّقْدَ (سَنَةً) وَاحِدَةً مِنْ الْعَشْرِ، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا بَأْسَ بِكِرَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute