وَإِذَا انْتَثَرَ لِلْمُكْتَرِي حَبٌّ فَنَبَتَ قَابِلًا فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ كَمَنْ جَرَّهُ
ــ
[منح الجليل]
تَمَامِ سَنَةٍ، فَإِنْ تَمَّتْ وَلَهُ فِيهَا زَرْعٌ أَخْضَرُ فَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ وَعَلَيْهِ تَرْكُهُ إلَى تَمَامِهِ.
وَلَهُ فِيمَا بَقِيَ كِرَاءُ مِثْلِهَا عَلَى حِسَابِ مَا أَكْرَاهَا مِنْهُ طَرَحَ سَحْنُونٌ عَلَى حِسَابِ مَا اكْتَرَى وَأَبْقَى كِرَاءَ الْمِثْلِ، وَنَقَلَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ وَلَهُ فِيمَا بَقِيَ كِرَاءُ مِثْلِهِ لَا عَلَى مَا أَكْرَاهُ.
ابْنُ يُونُسَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ جَيِّدٌ، وَوَجْهُهُ اُنْظُرْهُ فِي تَرْجَمَةِ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا انْقَضَتْ السُّنُونَ وَلِلْمُكْتَرِي فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَلَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْأَرْضِ شِرَاؤُهُ، وَإِنَّمَا بِيعَ الزَّرْعُ أَخْضَرَ إنْ اُشْتُرِيَ مَعَ الْأَرْضِ فِي صَفْقَةٍ، وَكَذَلِكَ الْأُصُولُ بِثَمَرِهَا، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُبْتَاعُ فَمَا أُبِّرَ مِنْ الثَّمَرِ وَمَا ظَهَرَ مِنْ الْأَرْضِ لِلْبَائِعِ، وَإِذَا لَمْ يُؤَبَّرْ الثَّمَرُ وَلَمْ يَظْهَرْ الزَّرْعُ مِنْ الْأَرْضِ فَهُوَ لِلْمُبْتَاعِ.
ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ الْأَشْبَهُ أَنْ يَجُوزَ لِرَبِّ الْأَرْضِ شِرَاءُ مَا فِيهَا مِنْ زَرْعٍ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ مِلْكُهُ فَيَصِيرُ مَقْبُوضًا بِالْعَقْدِ، وَمَا يَحْدُثُ فِيهِ مِنْ نَمَاءٍ، فَإِنَّمَا هُوَ فِي ضَمَانِ مُشْتَرِيهِ لِكَوْنِهِ فِي أَرْضِهِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، لِكَوْنِ ضَمَانِهَا مِنْ بَائِعِهَا؛ لِأَنَّهَا فِي أَمْوَالِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ تَعَالَى الثَّمَرَةَ بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ» ، وَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَجَازَ عَبْدُ الْمَلِكِ شِرَاءَ جِنَانٍ فِيهِ ثَمَرَةٌ بِقَمْحٍ أَوْ بِجِنَانٍ آخَرَ فِيهِ ثَمَرَةٌ تُخَالِفُهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ ثَمَرَةٍ مَقْبُوضَةٌ فَكَانَا مُتَنَاجِزَيْنِ وَفِي الشَّامِلِ وَفِي السَّقْيِ بِتَمَامِهَا فَإِنْ تَمَّتْ وَالزَّرْعُ بَاقٍ، وَكَانَ رَبُّهُ يَظُنُّ تَمَامَهُ فَزَادَ الشَّهْرُ، وَنَحْوُهُ لَزِمَ رَبَّ الْأَرْضِ تَرْكُهُ لِتَمَامِهِ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا زَادَ، وَقِيلَ بِنِسْبَةِ الْمُسَمَّى، وَلَوْ بَعُدَ الْأَمَدُ، وَعَلِمَ رَبُّهُ بِذَلِكَ فَلِرَبِّهَا قَلْعُهُ أَوْ تَرْكُهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى وَكِرَاءِ الْمِثْلِ، وَلَيْسَ لَهُ شِرَاؤُهَا عَلَى الْأَصَحِّ.
(وَ) إنْ اكْتَرَى شَخْصٌ أَرْضًا وَزَرَعَهَا وَحَصَدَ زَرْعَهُ (وَانْتَثَرَ) بِمُثَلَّثَةٍ أَيْ سَقَطَ فِيهَا (لِلْمُكْتَرِي) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ انْتَثَرَ، وَهُوَ (حَبٌّ فَنَبَتَ) الْحَبُّ فِي الْأَرْضِ عَامًا (قَابِلًا) بِمُوَحَّدَةٍ أَيْ آتِيَةً بَعْدَ عَامِ الِاكْتِرَاءِ (فَهُوَ) أَيْ النَّابِتُ (لِرَبِّ الْأَرْضِ) لِإِعْرَاضِ الْمُكْتَرِي عَنْهُ، سَوَاءٌ انْتَثَرَ بِآفَةٍ كَنَقْلِ نَمْلٍ أَوْ غَيْرِهَا، بِأَنْ سَقَطَ مِنْهُ حَالَ الْحَصْدِ لِشِدَّةِ يُبْسِ الزَّرْعِ. وَشَبَّهَ فِي الْكَوْنِ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَقَالَ (كَمَنْ) أَيْ صَاحِبِ أَرْضٍ (جَرَّهُ) أَيْ الْبَزْرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute