أَوْ عَدَمِهِ بَذْرًا، أَوْ سِجْنِهِ؛ أَوْ انْهَدَمَتْ شُرُفَاتُ الْبَيْتِ،
ــ
[منح الجليل]
بِذَلِكَ فَهِيَ جَائِحَةٌ عَلَى الزَّارِعِ، وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الْكِرَاءِ، بِخِلَافِ هَلَاكِهِ مِنْ الْقَحْطِ، وَكَذَلِكَ لَوْ هَلَكَ زَرْعُهُ بِبَرْدٍ أَوْ جَلِيدٍ أَوْ جَائِحَةٍ فَالْكِرَاءُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا إنْ أَتَى مَطَرٌ فَغَرِقَ زَرْعُهُ فِي إبَّانِ الْحَرْثِ لَوْ انْكَشَفَ الْمَاءُ عَنْ الْأَرْضِ أَدْرَكَ زَرْعَهَا ثَانِيَةً فَلَمْ يَنْكَشِفْ حَتَّى فَاتَ الْإِبَّانُ، فَذَلِكَ كَغَرَقِهَا فِي الْإِبَّانِ قَبْلَ أَنْ يَزْرَعَ حَتَّى فَاتَ الْحَرْثُ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ انْكَشَفَ الْمَاءُ فِي إبَّانٍ يُدْرِكُ فِيهِ الْحَرْثَ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَحْرُثْ.
(أَوْ) لَمْ يَزْرَعْ لِ (عَدَمِهِ) أَيْ فَقْدِ الْمُكْتَرِي (بَذْرًا) يَبْذُرُهُ بِهَا فَيَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إكْرَائِهَا لِغَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْبَزْرُ عِنْدَ غَيْرِهِ أَيْضًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ زَرْعِهَا وَإِكْرَائِهَا (أَوْ) لِ (سَجْنِهِ) بِفَتْحٍ، أَيْ حَبْسِ الْمُكْتَرِي فَيَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إكْرَائِهَا، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُنْتَقَضُ الْكِرَاءُ بِمَوْتِ الْمُتَكَارِيَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا.
وَكَذَلِكَ مَنْ اكْتَرَى دَارًا أَوْ أَرْضًا وَلَمْ يَجِدْ بَذْرًا أَوْ سَجَنَهُ السُّلْطَانُ بَاقِيَ الْمُدَّةِ فَالْكِرَاءُ يَلْزَمُهُ وَلَا يُعْذَرُ بِهَذَا، وَلَكِنْ يُكْرِيهَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَزْرَعَهَا أَوْ يَسْكُنَ الدَّارَ. اللَّخْمِيُّ مَحْمَلُ قَوْلِهِ فِي الْبَذْرِ عَلَى عَجْزِ الْمُكْتَرِي عَنْهُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُكْرِيَهَا وَلَوْ كَانَتْ شِدَّةً فَلَمْ يَجِدْ أَهْلُ الْمَوْضِعِ الْبَذْرَ سَقَطَ الْكِرَاءُ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَصَدَ السُّلْطَانُ أَنْ يَحْبِسَهُ وَيَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَرْعِهَا وَكِرَائِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا طَلَبَهُ السُّلْطَانُ بِأَمْرٍ فَكَانَ سَبَبًا فِي عَدَمِ حَرْثِهَا كَانَ عَلَيْهِ كِرَاؤُهَا.
(أَوْ انْهَدَمَتْ شُرُفَاتُ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ وَسُكُونِهَا وَفَتْحِهَا جَمْعُ شُرْفَةٍ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ الْعَرَائِشُ الَّتِي تُجْعَلُ فَوْقَ حَائِطِ (الْبَيْتِ) لِتَزْيِينِهِ فَيَلْزَمُ مُكْتَرِيَهُ جَمِيعُ كِرَائِهِ؛ لِأَنَّ انْهِدَامَهَا لَا يَنْقُصُ شَيْئًا مِنْ مَنَافِعِهِ، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا انْهَدَمَ ضَرَرٌ عَلَى الْمُكْتَرِي وَلَمْ يَبْنِهِ رَبُّ الدَّارِ لَزِمَ الْمُكْتَرِيَ السُّكْنَى بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ، وَلَا يُوضَعُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْهُ لِذَلِكَ كَانْهِدَامِ شُرُفَاتٍ لَا تَضُرُّ بِسُكْنَى الْمُكْتَرِي وَإِنْ أَنْفَقَ فِيهَا كَانَ مُتَطَوِّعًا، وَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا النَّقْضُ، فَلَهُ أَخْذُهُ إنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ (أَوْ سَكَنَ أَجْنَبِيٌّ بَعْضَهُ) أَيْ الْبَيْتِ الْمُكْتَرَى فَيَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ جَمِيعُ كِرَائِهِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِأُجْرَةِ مَا سَكَنَهُ. وَمَحَلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute