للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ أَنَّهُ وَصَّلَ كِتَابًا

أَوْ أَنَّهُ اُسْتُصْنِعَ، وَقَالَ: وَدِيعَةٌ، أَوْ خُولِفَ فِي الصِّفَةِ، وَفِي الْأُجْرَةِ

ــ

[منح الجليل]

عَلَيْهِ مُذْ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمُكَارَمَةِ، وَأَمَّا الْأَخُ وَالْعَمُّ فَالْأَمْرُ فِيهِمَا مُشْكِلٌ فَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ إلَّا أَنْ تَطُولَ الْمُدَّةُ وَالسُّنُونَ، وَهُوَ لَا يَتَكَلَّمُ، وَمِثْلُهُ إذَا سَكَنَ عِنْدَ أَبَوَيْهِ ثُمَّ طَلَبَا الْكِرَاءَ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا، وَذَلِكَ لِأَخِيهِ وَعَمِّهِ إنْ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى مُكَارَمَتِهِمَا.

(وَ) إنْ اُسْتُؤْجِرَ شَخْصٌ عَلَى إيصَالِ كِتَابٍ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَغَابَ مُدَّةً يُمْكِنُهُ فِيهَا الذَّهَابُ وَالْإِيَابُ وَادَّعَى أَنَّهُ وَصَّلَهُ وَكَذَّبَهُ مُسْتَأْجِرُهُ فَ (الْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ) عَلَى إيصَالِ كِتَابٍ لِبَلَدٍ آخَرَ (أَنَّهُ) أَيْ الْأَجِيرَ (وَصَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْأَجِيرُ (كِتَابًا) مَثَلًا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى إيصَالٍ لِمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَصَلَهُ إذَا مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ ذَهَابُهُ وَرُجُوعُهُ فِيهِ عَادَةً؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ فَعَلَيْهِ دَفْعُ كِرَائِهِ لَهُ، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ وَاجَرْت رَجُلًا عَلَى تَبْلِيغِ كِتَابٍ مِنْ مِصْرَ إلَى إفْرِيقِيَّةَ بِكَذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْصَلْته وَأَكْذَبْته فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي أَمَدٍ يَبْلُغُ فِي مِثْلِهِ؛ لِأَنَّك ائْتَمَنْتَهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْك دَفْعُ كِرَائِهِ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْحَمُولَةُ كُلُّهَا تَكْتَرِيهِ عَلَى تَوْصِيلِهَا إلَى بَلَدِ كَذَا، فَيَدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوْصَلَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَمَدٍ يَبْلُغُ فِي مِثْلِهِ.

(وَ) الْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ (أَنَّهُ اُسْتُصْنِعَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ النُّونِ، أَيْ الْأَجِيرُ فِيمَا بِيَدِهِ لِغَيْرِهِ مِمَّا لَهُ فِيهِ صَنْعَةٌ كَثَوْبٍ بِيَدِ خَيَّاطٍ وَغَزْلٍ بِيَدِ نَسَّاجٍ وَعَيْنٍ بِيَدِ صَائِغٍ (وَقَالَ) رَبُّهُ (وَدِيعَةٌ) عِنْدَك فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمَنْ ادَّعَى عَلَى صَبَّاغٍ أَوْ صَائِغٍ فِيمَا قَدْ عَمِلَهُ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ، وَقَالَ الصَّائِغُ بَلْ اسْتَعْمَلْتنِي فِيهِ فَالصَّائِغُ مُصَدَّقٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَشْهَدُونَ فِي هَذَا وَلَوْ جَازَ هَذَا لَذَهَبَ أَعْمَالُهُمْ (أَوْ) أَيْ وَالْقَوْلُ لِلصَّانِعِ إنْ اتَّفَقَا عَلَى اسْتِصْنَاعِهِ وَ (خُولِفَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْأَجِيرُ (فِي الصِّفَةِ) فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنْ أَشْبَهَتْ الصِّفَةُ رَبَّ الْمَصْنُوعِ كَصَبْغِهِ ثَوْبًا أَخْضَرَ لِشَرِيفٍ مُدَّعِيًا أَمَرَهُ بِهِ، وَخَالَفَهُ الشَّرِيفُ قَائِلًا أَمَرْتُك بِصَبْغِهِ أَسْوَدَ وَكَخِيَاطَتِهِ ثَوْبًا وَاسِعَ الْأَكْمَامِ لِفَقِيهٍ، فَقَالَ الْفَقِيهُ أَمَرْتُك بِتَضْيِيقِهِ (أَوْ) اتَّفَقَا عَلَى اسْتِصْنَاعِهِ وَصِفَتِهِ وَخُولِفَ فِي قَدْرِ (الْأُجْرَةِ) بِأَنْ قَالَ عَشَرَةٌ، وَقَالَ الْآخَرُ خَمْسَةٌ فَالْقَوْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>