للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَكِرَاءِ السُّفُنِ

إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى التَّمَامِ. فَبِنِسْبَةِ الثَّانِي.

ــ

[منح الجليل]

الْجَاعِلَ إنَّمَا أَرَادَ تَحْرِيضَ مَنْ سَمِعَ قَوْلَهُ عَلَى طَلَبِهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجِبَ مَا سَمَّى مِنْ الْجُعْلِ إلَّا لِمَنْ سَمِعَهُ فَطَلَبَهُ بَعْدَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ جَعَلَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ هُوَ الْمَذْهَبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ (بِالتَّمَامِ) لِلْعَمَلِ الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ عَمَلِ الْبَعْضِ إلَّا فِيمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ. ابْنُ الْمَوَّازِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: بِعْ ثَمَرَ حَائِطِي وَلَك كَذَا، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُ الْحَائِطِ قَوْمٌ فَسَاوَمُوهُ حَتَّى بَاعَ مِنْهُمْ فَطَلَبَ الرَّجُلُ جُعْلَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنَّمَا جُعِلَ لَهُ الْجُعْلُ عَلَى أَنْ يَبِيعَ وَيُمَاكِسَ وَاَلَّذِي بَايَعَهُمْ وَمَاكَسَهُمْ صَاحِبُ الْحَائِطِ لَا الْمَجْعُولُ لَهُ.

وَشَبَّهَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالتَّمَامِ فَقَالَ (كَكِرَاءِ السُّفُنِ) بِضَمِّ السِّينِ وَالْفَاءِ جَمْعُ سَفِينَةٍ فَيَتَوَقَّفُ اسْتِحْقَاقُهُ عَلَى التَّمَامِ بِالْوُصُولِ إلَى نِهَايَةِ السَّفَرِ، وَمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ إخْرَاجُ مَا فِي السَّفِينَةِ، فَإِنْ غَرِقَتْ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ عَقِبَ وُصُولِهَا قَبْلَ إمْكَانِ إخْرَاجِ مَا فِيهَا فَلَا شَيْءَ لِرَبِّهَا مِنْ الْكِرَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي حُكْمِ كِرَاءِ السُّفُنِ اضْطِرَابٌ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ أَنَّهُ عَلَى الْبَلَاغِ كَالْجُعْلِ الَّذِي لَا يَجِبُ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ كَانَ عَلَى قَطْعِ الْمَسِيطَةِ أَوْ الرِّيفِ، وَفِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ اكْتَرَى سَفِينَةً فَغَرِقَتْ فِي ثُلُثَيْ الطَّرِيقِ وَغَرِقَ مَا فِيهَا مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ فَلَا كِرَاءَ لِرَبِّهَا وَأَرَى أَنَّهُ عَلَى الْبَلَاغِ.

ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ إنْ كَانَ كِرَاؤُهُمْ عَلَى قَطْعِ الْبَحْرِ مِثْلَ السَّفَرِ إلَى صِقِلِّيَّةَ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ أَوْ إلَى الْأَنْدَلُسِ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ مِنْ الْكِرَاءِ، وَإِنْ كَانَ كِرَاؤُهُمْ مَعَ الرِّيفِ مِثْلَ الْكِرَاءِ مِنْ مِصْرَ إلَى إفْرِيقِيَّةَ وَشَبَهِهِ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ، وَبِهَذَا قَالَ أَصْبَغُ اللَّخْمِيُّ: كِرَاءُ السُّفُنِ جُعْلٌ وَإِجَارَةٌ.

وَاسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ إنْ لَمْ يُتَمَّمْ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ) الْمُكْتَرِي (عَلَى التَّمَامِ) سَفِينَةً أُخْرَى (فَ) يَسْتَحِقُّ الْمُكْرِي الْأَوَّلُ مِنْ الْكِرَاءِ (بِنِسْبَةِ) الْكِرَاءِ (الثَّانِي) فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَالْجُعْلُ يَدَعُهُ الْعَامِلُ مَتَى يَشَاءُ وَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ الْجَاعِلُ بِمَا عَمِلَ لَهُ الْمَجْعُولُ مِثْلَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ جُعْلًا عَلَى حَمْلِ خَشَبَةٍ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَيَتْرُكُهَا فِي الطَّرِيقِ وَيَسْتَأْجِرُ رَبُّهَا مَنْ يَأْتِيهِ بِهَا أَوْ يَعْجِزَ عَنْ حَفْرِ الْبِئْرِ بَعْدَ ابْتِدَائِهِ فِيهَا ثُمَّ يَجْعَلُ صَاحِبُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>