للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ انْدَرَسَتْ، إلَّا لِإِحْيَاءٍ.

ــ

[منح الجليل]

مَوَاتًا إنْ بَقِيَتْ الْعِمَارَةُ، بَلْ (وَلَوْ انْدَرَسَتْ) أَيْ فَنِيَتْ الْعِمَارَةُ وَعَادَتْ الْأَرْضُ لِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ تَعْمِيرِهَا فَلَا يَزُولُ اخْتِصَاصُ مُحْيِيهَا عَنْهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِإِحْيَاءٍ) مِنْ شَخْصٍ آخَرَ بَعْدَ طُولِ انْدِرَاسِ عِمَارَةِ الْأَوَّلِ، فَيَزُولُ اخْتِصَاصُ الْأَوَّلِ وَيَخْتَصُّ الثَّانِي بِهَا، فِيهَا مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى دَثَرَتْ وَطَالَ زَمَانُهَا وَهَلَكَتْ أَشْجَارُهَا وَتَهَدَّمَتْ آبَارُهَا وَعَادَتْ كَأَوَّلِ مَرَّةٍ ثُمَّ أَحْيَاهَا غَيْرُهُ فَهِيَ لِمُحْيِيهَا آخِرًا. ابْنُ يُونُسَ قِيَاسًا عَلَى الصَّيْدِ إذَا أَفْلَتَ وَلَحِقَ بِالْوَحْشِ وَطَالَ زَمَانُهُ ثُمَّ صَادَهُ آخَرُ فَهُوَ لِلثَّانِي.

قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَذَا إذَا أَحْيَا فِي غَيْرِ أَصْلٍ كَانَ لَهُ، فَأَمَّا مَنْ مَلَكَ أَرْضًا بِخِطَّةٍ أَوْ شِرَاءٍ ثُمَّ أَسْلَمَهَا فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُحْيِيَهَا. الْبَاجِيَّ مَنْ اشْتَرَى أَرْضًا ثُمَّ انْدَرَسَتْ فَلَا يَرْتَفِعُ مِلْكُهُ عَنْهَا بِانْدِرَاسِهَا اتِّفَاقًا. ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا يَكُونُ الثَّانِي أَحَقَّ بِهَا إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ بَعْدَ انْدِرَاسِهَا وَعَوْدِهَا لِحَالِهَا الْأَوَّلِ. وَأَمَّا إنْ أَحْيَاهَا الثَّانِي بِحِدْثَانِ انْدِرَاسِهَا وَعَوْدِهَا لِحَالِهَا الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِالْأَوَّلِ فَلَهُ قِيمَةُ عِمَارَتِهِ قَائِمَةً لِلشُّبْهَةِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا قِيمَتُهَا مَنْقُوضَةً بَعْدَ يَمِينِ الْأَوَّلِ إنْ تَرَكَهُ إيَّاهَا لَمْ يَكُنْ إسْلَامًا لَهَا، وَأَنَّهُ كَانَ نَاوِيًا إعَادَتَهَا الْحَطّ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِعَدَمِ عِلْمِ أَوَّلِ عِمَارَةِ الثَّانِي وَسُكُوتِهِ، وَإِلَّا كَانَ سُكُوتُهُ دَلِيلًا عَلَى إسْلَامِهِ إيَّاهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا يُفِيدُهُ نَقْلُهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ الْبَيَانِ أَنَّ الْعِمَارَةَ تَارَةً تَكُونُ نَاشِئَةً عَنْ إحْيَاءٍ، وَتَارَةً عَنْ مِلْكٍ، وَيَحْصُلُ الِاخْتِصَاصُ بِهَا إذَا لَمْ تَنْدَرِسْ فِي الْقِسْمَيْنِ، فَإِنْ انْدَرَسَتْ فَإِنْ كَانَتْ عَنْ مِلْكٍ كَإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ فَالِاخْتِصَاصُ بَاقٍ اتِّفَاقًا خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ، وَلَوْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ انْدَرَسَتْ، وَإِنْ كَانَتْ عَنْ إحْيَاءٍ فَهَلْ الِاخْتِصَاصُ بَاقٍ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ، وَعَلَى الثَّانِي دَرَجَ الْمُصَنِّفُ، وَلَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِطُولِ زَمَنِ الِانْدِرَاسِ، هَذَا هُوَ الْحَقُّ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَقَوْلُهُ بِعِمَارَةٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ مِلْكٍ أَوْ إحْيَاءٍ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ انْدَرَسَتْ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ فَقَطْ لَا لِلْإِشَارَةِ لِلْخِلَافِ، فَلَوْ عَبَّرَ بِأَنْ كَانَ أَوْفَقَ بِاصْطِلَاحِهِ، وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِإِحْيَاءٍ بِمَعْنَى عَنْ، أَيْ إلَّا الْعِمَارَةَ النَّاشِئَةَ عَنْ إحْيَاءٍ فَانْدِرَاسُهَا يُخْرِجُهَا عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>