وَبِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ
وَلَا يُقْطِعُ مَعْمُورَ الْعَنْوَةِ مِلْكًا
ــ
[منح الجليل]
مُطْلَقًا. وَأَمَّا فِنَاؤُهُ فَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لِأَرْبَابِ الْأَفْنِيَةِ الَّتِي انْتِفَاعُهُمْ بِهَا لَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ أَنْ يُكْرُوهَا.
ابْنُ رُشْدٍ كُلُّ مَا لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ فَلَهُ أَنْ يُكْرِيَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذِهِ كُلِّيَّةٌ غَيْرُ صَادِقَةٍ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَا لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهُ، كَجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ وَبَيْتِ الْمَدْرَسَةِ لِلطَّالِبِ وَنَحْوِهِ وَفِنَاءِ الدَّارِ هُوَ مَا بَيْنَ يَدَيْ بِنَائِهَا فَاضِلًا عَنْ الطَّرِيقِ الْمُعَدِّ لِلْمُرُورِ وَغَالِبًا كَانَ بَيْنَ يَدَيْ بَابِهَا أَوْ غَيْرِهِ. وَكَانَ بَعْضُ شُيُوخنَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ الْكَائِنُ بَيْنَ يَدَيْ بَابِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهَا فِي كِتَابِ الْقَسْمِ وَإِنْ قَسَمَا دَارًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ طَائِفَةً. فَمَنْ صَارَتْ لَهُ الْأَجْنِحَةُ فِي حَظِّهِ فَهِيَ لَهُ وَلَا تُعَدُّ مِنْ الْفِنَاءِ وَإِنْ كَانَتْ فِي هَوَاءِ الْأَفْنِيَةِ، وَفِنَاءُ الدَّارِ لَهُمْ أَجْمَعِينَ الِانْتِفَاعُ بِهِ نَقَلَهُ " غ " قَالَ لِفَوَائِدِهِ وَأَمَّا الْمُنَاقَشَةُ فَأَمْرُهَا سَهْلٌ.
وَيَكُونُ الِاخْتِصَاصُ (بِ) سَبَبِ (إقْطَاعٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْقَافِ أَيْ إعْطَاءٍ مِنْ الْإِمَامِ أَرْضًا مَوَاتًا. ابْنُ شَاسٍ النَّوْعُ الْآخَرُ مِنْ أَنْوَاعِ الِاخْتِصَاصِ الْإِقْطَاعُ فَإِذَا أَقْطَعَ الْإِمَامُ رَجُلًا أَرْضًا كَانَتْ مِلْكًا لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعَمِّرْهَا وَلَا عَمِلَ فِيهَا شَيْئًا يَبِيعُ وَيَهَبُ وَيَتَصَرَّفُ وَيُورَثُ عَنْهُ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْإِحْيَاءِ بِسَبِيلٍ، وَإِنَّمَا هُوَ تَمْلِيكٌ مُجَرَّدٌ، رَوَى يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْمَهَامِهِ وَالْفَيَافِي أَوْ قَرِيبَةً مِنْ الْعُمْرَانِ.
(وَلَا يُقْطِعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ لَا يُعْطِي الْإِمَامُ مَكَانًا (مَعْمُورَ) أَرْضَ (الْعَنْوَةِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ، أَيْ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَالْجِهَادِ، أَيْ الْأَرْضَ الْمَعْمُورَةَ، أَيْ الصَّالِحَةَ لِزِرَاعَةِ الْحُبُوبِ الْمَفْتُوحَةَ بِالْجِهَادِ حَالَ كَوْنِهَا (مِلْكًا) أَيْ مَمْلُوكَةً لِمَنْ أُقْطِعَتْ هِيَ لَهُ؛ لِأَنَّهَا وُقِفَتْ بِمُجَرَّدِ فَتْحِهَا، وَيُقْطِعُهَا لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهَا حَيَاتَهُ أَوْ مُدَّةً مَحْدُودَةً وَبَعْدَهَا يَرْجِعُ حُكْمُهَا لِلْإِمَامِ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الْإِقْطَاعِ.
فِيهَا لَا يَجُوزُ شِرَاءُ أَرْضِ مِصْرَ وَلَا تُقْطَعُ لِأَحَدٍ، قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: لِأَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً.
ابْنُ رُشْدٍ الْإِقْطَاعُ فِي الْبَرَارِيِّ وَالْمَعْمُورِ إلَّا مَعْمُورَ أَرْضِ الْعَنْوَةِ الَّتِي حُكْمُهَا كَوْنُهَا مَوْقُوفَةً ابْنُ عَرَفَةَ أَرَادَ إقْطَاعَ تَمْلِيكٍ وَأَمَّا إقْطَاعُهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا مُدَّةً فَجَائِزٌ قَالَهُ الطُّرْطُوشِيُّ وَغَيْرُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute