كَالنِّيلِ، وَإِنْ مُلِكَ أَوَّلًا قُسِمَ بِقِلْدٍ،
ــ
[منح الجليل]
بِالْأَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِ الْأَسْفَلِ الْمُتَقَدِّمِ فِيهِ أَفَادَ الْبُنَانِيُّ أَرَادَ بِهِ قَوْلَ الْخَرَشِيِّ وعب، ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْتَوِيَا فِي زَمَنِ الْإِحْيَاءِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ، وَهَلْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ مُطْلَقًا أَوْ بِحَسَبِ مِسَاحَتِهِمَا كَفَدَّانٍ وَالْآخَرُ نِصْفُ فَدَّانٍ، فَلِلْأَوَّلِ الثُّلُثَانِ، وَلِلثَّانِي الثُّلُثُ، ثُمَّ تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الشُّرَّاحِ.
وَشَبَّهَ الْمُصَنِّفُ بِمَا سَالَ مِنْ الْمَطَرِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ فَقَالَ (كَالنِّيلِ) بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ نَهْرِ مِصْرَ الْبَاجِيَّ مَا لَا يُمْلَكُ كَالسُّيُولِ وَالْأَمْطَارِ إنْ كَانَ طَرِيقُهُ فِي أَرْضٍ لَا تُمْلَكُ كَشِعَابِ الْجِبَالِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ مِثْلَ مَهْزُورٍ وَمُذَيْنِبٍ يَأْتِي حَتَّى يُحَاذِيَ مَجْرَى الْمَاءِ فِي جَانِبَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَزَارِعُ وَحَدَائِقُ يُسْقَوْنَ بِهَا فَحُكْمُهُ أَنْ نَسْقِيَ بِهِ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى إذَا كَانَ إحْيَاؤُهُمْ مَعًا أَوْ إحْيَاءُ الْأَعْلَى قَبْلُ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - ابْنُ نَافِعٍ وَهَذَا حُكْمُ النِّيلِ.
(وَإِنْ مُلِكَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَاءُ (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا، أَيْ ابْتِدَاءً لِأَصْحَابِ الْحَوَائِطِ وَالْمَزَارِعِ بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى إجْرَائِهِ لِأَرْضِهِمْ (قُسِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَاءُ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ حِصَصِهِمْ فِيهِ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَسُدُسٍ، وَصِلَةُ قُسِمَ (بِقِلْدٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ. ابْنُ عَرَفَةَ ضَبَطَهُ عِيَاضٌ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ. غَيْرَ وَاحِدٍ هِيَ الْقَدْرُ الَّتِي يُقْسَمُ بِهَا الْمَاءُ، وَهُوَ أَكْثَرُ الْمُرَادِ هُنَا، وَكَذَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي، بَعْضِ نُسَخِ الْكِتَابِ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ هُوَ الْحَظُّ مِنْ الْمَاءِ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ، وَهُوَ سَقْيُ الزَّرْعِ وَقْتَ حَاجَتِهِ.
قُلْت هُوَ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ الْآلَةِ الَّتِي يَتَوَصَّلُ بِهَا لِإِعْطَاءِ كُلِّ ذِي حَظٍّ مِنْ الْمَاءِ حَظَّهُ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ وَلَا زِيَادَةٍ، وَلِلْمُتَقَدِّمَيْنِ وَالْمُتَأَخِّرِينَ فِي حَقِيقَتِهِ أَقْوَالٌ وَتَعَقُّبَاتٌ بِاخْتِلَافِ جَرْيِ الْمَاءِ الَّذِي يُقْسَمُ بِمُدَّتِهِ لِقِلَّتِهِ وَكَثْرَتِهِ وَسُرْعَةِ حَرَكَتِهِ بِاللَّيْلِ وَبُطْئِهَا بِالنَّهَارِ حَسْبَمَا ذَكَرَهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ، وَالتَّحْقِيقُ فِيهِ عِنْدِي أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَاءُ غَيْرَ مُتَنَافَسٍ فِيهِ جِدًّا، فَالتَّقَارُبُ فِيهِ كَافٍ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ، وَإِنْ عَزَّ ثَمَنُهُ انْبَغَى تَحْقِيقُ مَا يُحَقَّقُ بِهِ بِأَنْ يُقْسَمَ مَاءُ اللَّيْلِ وَحْدَهُ وَمَاءُ النَّهَارِ وَحْدَهُ بِالسَّاعَاتِ الرَّمْلِيَّةِ الْمُحَقِّقَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute