أَوْ جُهِلَ سَبْقُهُ لِدَيْنٍ:
ــ
[منح الجليل]
أَمْرٌ بَيِّنٌ مِنْ الْحِيَازَةِ فَذَلِكَ نَافِذٌ قَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. مُحَمَّدٌ هَذَا إذَا حَازَ ذَلِكَ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ صَغِيرٌ وَلَا مَنْ لَمْ يُولَدْ بَعْدُ، فَأَمَّا مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ بِيَدِ مَنْ يُحَوِّزُهُ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْدَمَ أَوْ يَكْبَرَ أَوْ يُولَدَ أَوْ كَانَ بِيَدِهِ هُوَ يَحُوزُهُ لِمَنْ يَجُوزُ حَوْزُهُ عَلَيْهِ ثُمَّ سَكَنَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ الصَّغِيرُ نَفْسَهُ، وَقَبْلَ أَنْ يَحُوزَ مَنْ ذَكَرْنَا مِمَّنْ حَبَّسَ عَلَيْهِ فَذَلِكَ يُبْطِلُهُ. قُلْت، وَكَمْ حَدَّ تِلْكَ الْحِيَازَةِ؟ قَالَ السَّنَةُ أَقَلُّهَا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.
ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِحِيَازَةِ الْعَامِ فِي الْمَالِكِينَ أُمُورَهُمْ، فَقَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْمَعْلُومُ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ رَجَعَ بِعُمْرَى أَوْ كِرَاءٍ أَوْ إرْفَاقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ حَازَهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ سَنَةً أَنَّ الْوَقْفَ نَافِذٌ. ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا الصِّغَارُ فَمَتَى سَكَنَ أَوْ عَمَّرَ، وَلَوْ بَعْدَ عَامٍ بَطَلَ. اهـ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَاتٍ وَابْنُ سَلْمُونٍ. وَأَفْتَى ابْنُ لُبٍّ بِأَنَّهُ إنْ أَخْلَى مَا حَبَّسَهُ عَلَى صِغَارِ وَلَدِهِ عَامًا كَامِلًا ثُمَّ رَجَعَ لَهُ فَلَا يُبْطِلُ رُجُوعُهُ تَحْبِيسَهُ.
الْمُتَيْطِيُّ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ فِي نُفُوذِ السُّكْنَى إذَا أَخْلَاهُ عَلَى مَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُكْرِيَهُ فِي هَذَا الْعَامِ بِاسْمِ مَحْجُورِهِ، وَيَرْجِعُ إلَيْهِ بِالْكِرَاءِ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَنَحْوِهِ لِابْنِ الْعَطَّارِ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمَحْجُورَ لَيْسَ كَغَيْرِهِ أَفَادَهُ " ق " الْحَطّ وَأَمَّا إنْ عَادَ لِلسُّكْنَى بَعْدَ عَامٍ فَلَا يَبْطُلُ، وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ يَحُوزُ لِنَفْسِهِ. وَأَمَّا مَنْ يَجُوزُ لَهُ الْوَاقِفُ فَإِنْ عَادَ لِسُكْنَاهُ بَطَلَ الْحَبْسُ وَالْهِبَةُ، اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَابْنِ عَرَفَةَ. الْبُنَانِيُّ هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَطَرِيقَةُ الْمُتَيْطِيِّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَحْجُورِ وَغَيْرِهِ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِعَوْدِهِ لِلسُّكْنَى بَعْدَ عَامٍ وَعَلَيْهَا الْعَمَلُ، وَقَدْ نَظَّمَ هَذَا سَيِّدِي حَمْدُونُ الْمِزْوَارُ فَقَالَ:
رُجُوعُ وَاقِفٍ لِمَا قَدْ وَقَفَا ... بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ قَدْ خُفِّفَا
عَلَى صَبِيٍّ كَانَ أَوْ ذِي رُشْدِ ... وَاعْتَرَضَتْ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدِ
(أَوْ) أَيْ وَبَطَلَ الْوَقْفُ إنْ وَقَفَ شَيْئًا ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَيْهِ مُسْتَغْرِقٌ مَا بِيَدِهِ وَ (جُهِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (سَبْقُهُ) أَيْ الْوَقْفِ (لِدَيْنٍ) ظَهَرَ عَلَى الْوَاقِفِ مُسْتَغْرِقُ مَا وَقَفَهُ وَعَدَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute