. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
وَاوُهُ لِلْحَالِ، وَإِنْ صِلَةٌ مُؤَكِّدَةٌ كَفُلَانٍ وَعَقِبِهِ، فَإِنْ تَجَرَّدَ تَصَدَّقْت عَمَّا ذُكِرَ فَلَا يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ عَلَى إحْدَى رِوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ.
ابْنُ رُشْدٍ لِلتَّحْبِيسِ ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ حَبَّسَ وَوَقَفَ وَتَصَدَّقَ، فَأَمَّا الْحَبْسُ وَالْوَقْفُ فَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ لَا يَفْتَرِقَانِ فِي وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ. وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَإِنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ فِي السَّبِيلِ أَوْ عَلَى بَنِي زُهْرَةَ أَوْ بَنِي تَمِيمٍ، فَإِنَّهَا تُبَاعُ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا عَلَى مَنْ ذَكَرَ بِالِاجْتِهَادِ إلَّا إذَا قَالَ صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ يَسْكُنُونَهَا أَوْ يَسْتَغِلُّونَهَا فَتَكُونُ حَبْسًا عَلَيْهِمْ لِلسُّكْنَى أَوْ الِاسْتِغْلَالِ، وَلَا تُبَاعُ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَفْظُ تَصَدَّقْت إنْ اقْتَرَنَ بِهِ مَا يَدُلُّ مِنْ قَيْدٍ أَوْ جِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ تَأَبَّدَ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ. وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ تَصَدَّقَ بِدَارٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ وَوَلَدِهِ مَا عَاشُوا وَلَمْ يَذْكُرْ لَهَا مَرْجِعًا إلَّا صَدَقَةً هَكَذَا إلَّا شَرَطَ فِيهَا فَهَلَكَ الرَّجُلُ وَوَلَدُهُ، فَإِنَّهَا تَرْجِعُ حَبْسًا عَلَى فُقَرَاءِ أَقَارِبِ الَّذِي حُبِّسَ وَلَا تُورَثُ.
عِيَاضٌ إنْ قَالَ مَكَانَ حَبَّسَ أَوْ وَقَفَ صَدَقَةً، فَإِنْ عَيَّنَهَا لِمَجْهُولِينَ مَحْصُورِينَ مِمَّا يُتَوَقَّعُ انْقِطَاعُهُ كَعَلَى وَلَدِ فُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ وَوَلَدِهِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هُوَ حَبْسٌ مُؤَبَّدٌ يَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ، سَوَاءٌ قَالَ مَا عَاشُوا أَمْ لَا وَنَحَا لَهُ فِي الْكِتَابِ، وَإِنْ جَعَلَهَا لِمَجْهُولِينَ غَيْرَ مَحْصُورِينَ كَالْمَسَاكِينِ، فَهِيَ مِلْكٌ لَهُمْ تُقْسَمُ عَلَيْهِمْ إنْ كَانَتْ مِمَّا تَنْقَسِمُ أَوْ بِيعَتْ وَقُسِمَ ثَمَنُهَا عَلَيْهِمْ أَوْ أُنْفِقَ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ ذَلِكَ الْوَجْهُ الْمَجْهُولُ، وَيَتَعَيَّنُ الْمَجْهُولُ هُنَا بِاجْتِهَادِ النَّاظِرِ فِي الْحُكْمِ وَوَقْتِهِ فَلَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُمْ، إذْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا هُوَ مَقْصِدُ الْمُحَبِّسِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْحَبْسَ اهـ " ق " فَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّهُ لَا وَاوَ قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ حُصِرَ.
طفي اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَسْلُكْ طَرِيقَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمَا جَرَيَا عَلَى مَا لِعَبْدِ الْوَهَّابِ أَنَّ لَفْظَ وَقَفْت يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ بِمُجَرَّدِهِ دُونَ حَبَسْت وَتَصَدَّقْت. ابْنُ شَاسٍ لَفْظُ وَقَفْت يُفِيدُ بِمُجَرَّدِهِ التَّحْرِيمَ، وَأَمَّا الْحَبْسُ وَالصَّدَقَةُ فَفِيهِمَا رِوَايَتَانِ، وَكَذَلِكَ ضَمُّ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ فِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالصَّدَقَةِ هِبَةَ الرَّقَبَةِ، فَيَخْرُجُ عَنْ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute