أَوْ أَنَّ مَنْ احْتَاجَ مِنْ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ بَاعَ.
ــ
[منح الجليل]
الْعَامُ الْأَوَّلُ أَصَابَ الْمَارُّ مَا أَصَابَهَا، فَلَمْ تَبْلُغْ الثِّمَارُ مَا أَوْصَى لَهُمَا بِهِ، وَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الثَّانِي جَاءَ الثِّمَارُ بِفَضْلٍ كَثِيرٍ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَلَّةِ الْعَامِ الثَّانِي مَا نَقَصَ مِنْ وَصِيَّتِهِمَا فِي غَلَّةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ أَفَذَلِكَ لَهُمَا؟ قَالَ: نَعَمْ ذَلِكَ لَهُمَا.
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ، وَمِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَفَادَهُ طفي. ابْنُ الْحَاجِبِ مَهْمَا شَرَطَ الْوَاقِفُ مَا يَجُوزُ لَهُ اُتُّبِعَ كَتَخْصِيصِ مَدْرَسَةٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ أَصْحَابِ مَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ. الزَّاهِي لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَبْدَأَ مِنْ غَلَّتِهِ بِمَنَافِعِ أَهْلِهِ، وَيَتْرُكَ إصْلَاحَ مَا يَنْخَرِمُ مِنْهُ بَطَلَ شَرْطُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ النَّظَرُ فِي الْحَبْسِ لِمَنْ جَعَلَهُ إلَيْهِ مُحَبِّسُهُ. الْمُتَيْطِيُّ يَجْعَلُهُ لِمَنْ يَثِقُ بِهِ فِي دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ، فَإِنْ غَفَلَ الْمُحَبِّسُ عَنْ ذَلِكَ كَانَ النَّظَرُ فِيهِ لِلْقَاضِي يُقَدِّمُ عَلَيْهِ مَنْ يَرْتَضِيهِ، وَيَجْعَلُ لَهُ مِنْ كِرَائِهِ مَا يَرَاهُ سَدَادًا بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ، فَلَوْ قَدَّمَ الْمُحَبِّسُ مَنْ رَآهُ أَهْلًا لِذَلِكَ فَلَهُ عَزْلُهُ وَاسْتِبْدَالُهُ.
الْحَطّ قَوْلُهُ فَإِنْ غَفَلَ الْمُحَبِّسُ عَنْ ذَلِكَ كَانَ النَّظَرُ فِيهِ لِلْحَاكِمِ هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُحَبِّسُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا مَالِكًا أَمَرَ نَفْسَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا مَالِكًا أَمْرَ نَفْسِهِ وَلَمْ يُوَلِّ الْمُحَبِّسُ عَلَى حَبْسِهِ أَحَدًا فَهُوَ الَّذِي يَجُوزُ الْحَبْسُ الَّذِي حُبِّسَ عَلَيْهِ وَيَتَوَلَّاهُ دَلَّ عَلَى هَذَا غَالِبُ عِبَارَاتِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي كِتَابِ الْحَبْسِ وَكِتَابِ الصَّدَقَةِ وَكِتَابِ الْهِبَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَشَرْطُ الْوَقْفِ حَوْزُهُ صَرِيحٌ فِي هَذَا.
(أَوْ) كَشَرْطِ الْوَاقِفِ (أَنَّ مَنْ احْتَاجَ مِنْ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ إلَى بَيْعِ الْوَقْفِ (بَاعَ) فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ حَبَّسَ دَارِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَقَالَ فِي حَبْسِهِ إنْ احْتَاجُوا أَوْ اجْتَمَعَ مَلَؤُهُمْ عَلَى بَيْعِهَا بَاعُوا وَاقْتَسَمُوا ثَمَنَهَا بِالسَّوَاءِ ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ فَهَلَكُوا جَمِيعًا إلَّا وَاحِدًا، فَأَرَادَ بَيْعَهَا فَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ذَلِكَ لَهُ وَلَا حَقَّ فِيهَا لِأَحَدٍ مِنْ وَلَدِ بَنَاتِ الْمُحَبِّسِ إنْ طَلَبُوا مِيرَاثَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ بَتَلَهَا لِبَنِيهِ خَاصَّةً فِي صِحَّتِهِ فَلَيْسَ لِسِوَاهُمْ مِنْ وَرَثَةِ أَبِيهِمْ فِيهَا حَقٌّ. وَفِي التَّوْضِيحِ قَالُوا: إذَا شَرَطَ أَنَّ مَنْ احْتَاجَ مِنْ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِمْ بَاعَ الْحَبْسَ أَنَّهُ يَصِحُّ هَذَا الشَّرْطَ وَيَلْزَمُ الْمُحَبَّسَ عَلَيْهِ إثْبَاتُ حَاجَتِهِ، وَالْيَمِينُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute