للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا عَقَارٌ وَإِنْ خَرِبَ

وَنَقْضٌ وَلَوْ بِغَيْرِ خَرِبٍ

ــ

[منح الجليل]

حَبَّسَ غُلَامًا فَكَبِرَ أَوْ تَخَلَّفَ أَوْ كَثُرَتْ سَرِقَتُهُ وَإِبَاقُهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ غَيْرَهُ مَكَانَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُحَبَّسُ شَرَطَ ذَلِكَ فِي حَبْسِهِ، وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي بَيْعِهِ لِيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ غَيْرَهُ يَكُونُ مَكَانَهُ. وَأَمَّا بَيْعُهُ فِيمَا يَلْزَمُ مِنْ عَلَفِهَا وَرَعْيِهَا فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا، فَمَنْ قُطِعَتْ مَنْفَعَتُهَا إنْ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا وَأَضَرَّ بَقَاؤُهُ لِلْمَنْفَعَةِ وَعَلَيْهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

وَمِنْهُ الرَّبْعُ الْخَرِبُ (لَا) يُبَاعُ (عَقَارٌ) حُبِّسَ إنْ لَمْ يَخْرَبُ، بَلْ (وَإِنْ خَرِبَ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَصَارَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِيمَا حُبِّسَ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا مَنَعَ بَيْعَ مَا خَرِبَ مِنْ رَبْعٍ حُبِّسَ مُطْلَقًا. ابْنُ الْجَهْمِ إنَّمَا لَمْ يَبِعْ الرَّبْعَ الْمُحَبَّسَ إذَا خَرِبَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إصْلَاحُهُ بِإِجَارَتِهِ سِنِينَ فَيَعُودُ كَمَا كَانَ، وَفِيهَا لِرَبِيعَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الْإِمَامَ يَبِيعُ الرَّبْعَ إذَا رَأَى ذَلِكَ لِخَرَابِهِ وَهِيَ إحْدَى رِوَايَتَيْ أَبِي الْفَرَجِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي جَوَازِ الْمُنَاقَلَةِ بِهِ بِرَبْعٍ غَيْرِ خَرِبٍ. قَوْلُ الشَّيْخِ فِي رِسَالَتِهِ وَابْنُ شَعْبَانَ وَابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْقِطْعَةُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُحَبَّسَةِ انْقَطَعَتْ مَنْفَعَتُهَا جُمْلَةً وَعَجَزَ عَنْ عِمَارَتِهَا وَكِرَائِهَا فَلَا بَأْسَ بِالْمُعَاوَضَةِ فِيهَا بِمَكَانٍ يَكُونُ حَبْسَا مَكَانَهَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِحُكْمٍ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ السَّبَبِ وَالْغِبْطَةِ فِي الْمُعَوَّضِ عَنْهُ وَيُسَجَّلُ ذَلِكَ وَيُشْهَدُ بِهِ.

(وَ) لَا يُبَاعُ (نِقْضٌ) بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا كَذِبْحٍ وَذُخْرٍ، أَيْ مَنْقُوضٍ مِنْ الْعَقَارِ الْمَوْقُوفِ. فِي الزَّاهِي لَا يُبَاعُ نِقْضُ الْحَبْسِ، وَأَجَازَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بَيْعَهُ، وَلَا أَقُولُهُ وَلِابْنِ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ لُبَابَةَ جَوَازُ بَيْعِهِ وَأَجَازَهُ ابْنُ زَرْبٍ لِبِنَاءِ بَاقِيهِ بِثَمَنِ مَا بِيعَ، وَأَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ بِعَدَمِ نَقْلِ نِقْضِ مَسْجِدٍ خَرِبٍ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ وَبِعَدَمِ بَيْعِهِ، وَيُتْرَكُ حَتَّى يَفْنَى.

ابْنُ عَاتٍ ابْنُ عَبْدِ الْغَفُورِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ نِقْضِ الْمَسَاجِدِ إنْ خِيفَ فَسَادُهُ وَوَقْفُهُ إنْ رُجِيَ عِمَارَتُهُ أَمْثَلُ. وَبَالَغَ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ الْعَقَارِ فَقَالَ (وَلَوْ بِ) عَقَارٍ (غَيْرِ خَرِبٍ) " غ " ظَاهِرُهُ رُجُوعِ الْإِغْيَاءِ لِلرَّبْعِ الْخَرِبِ وَالنِّقْضِ، وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا إلَّا فِي الرَّبْعِ الْخَرِبِ. ابْنُ رُشْدٍ رَوَى رَبِيعَةُ أَنَّ الْإِمَامَ يَبِيعُ الرَّبْعَ إذَا رَأَى ذَلِكَ لِخَرَابِهِ كَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي إحْدَى رِوَايَتَيْ أَبِي الْفَرَجِ عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>