أَوْ مُفْهِمِهَا، وَإِنْ بِفِعْلٍ: كَتَحْلِيَةِ وَلَدِهِ
ــ
[منح الجليل]
بِلَفْظٍ (مُفْهِمِهَا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرَتَيْنِ أَيْ الْهِبَةَ مِنْ غَيْرِ مَادَّتِهَا كَأَعْطَيْتُ وَمَنَحْت وَبَذَلْت وَنَحَلْت. إنْ كَانَ مُفْهِمُهَا قَوْلًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مُفْهِمُهَا مُصَوَّرًا (بِفِعْلٍ) إذْ الْمَقْصُودُ الرِّضَا، فَأَيُّ شَيْءٍ دَلَّ عَلَيْهِ اُعْتُبِرَ. ابْنُ شَاسٍ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ السَّبَبُ النَّاقِلُ لِلْمِلْكِ وَهُوَ صِيغَةُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّمْلِيكِ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، وَيَتَّصِلُ بِالصِّيغَةِ حُكْمُ الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّيغَةُ مَا دَلَّ عَلَى التَّمْلِيكِ وَلَوْ فِعْلًا كَالْمُعَاطَاةِ. فِي الذَّخِيرَةِ ظَاهِرُ مَذْهَبِنَا الْجَوَازُ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ إرْسَالِهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مَعَ رَسُولٍ، وَقَدْ وَقَعَ لِأَصْحَابِنَا أَنَّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ التَّرَوِّي فِي الْقَبُولِ. اهـ. وَنُصُوصُ الْمَذْهَبِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَالْمُتَيْطِيِّ إذَا لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ عَاتٍ عَنْ الْمُشَاوِرِ مَنْ سَكَتَ عَنْ قَبُولِ صَدَقَتِهِ زَمَانًا فَلَهُ قَبُولُهَا بَعْدَهُ، فَإِنْ طَلَبَ غَلَّتَهَا حَلَفَ مَا سَكَتَ تَارِكًا لَهَا وَأَخَذَهَا اهـ.
وَمَثَّلَ لِلْفِعْلِ فَقَالَ (كَتَحْلِيَةِ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ جَعْلِ حِلْيَةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ كَخَلْخَالٍ وَأَسْوِرَةٍ وَقُرْطٍ لِ (وَلَدِهِ) فَيَخْتَصُّ الْوَلَدُ بِهَا عَنْ سَائِرِ وَرَثَةِ أَبِيهِ إنْ مَاتَ، سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ حَلَّى ابْنَهُ الصَّغِيرَ حُلِيًّا فَهُوَ لَهُ لَا مِيرَاثَ. ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مَا وُهِبَ لَهُ وَمَا حَلَّاهُ بِهِ مِنْ الْحُلِيِّ فَقَدْ وَهَبَهُ لَهُ مِثْلَ مَا كَسَاهُ مِنْ ثَوْبٍ، إذْ هُوَ مِمَّا يُلْبَسُ كَمَا يُلْبَسُ الثَّوْبُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْهِبَةِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الْأَبُ أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْإِمْتَاعِ اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اخْتِصَاصُ الْوَلَدِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رُشْدٍ لَهَا، وَكَأَنَّ " غ " لَمْ يَسْتَحْضِرْ مَا فِي الرِّوَايَةِ، فَقَالَ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ أَبِي عُمَرَ فِي الْكَافِي وَإِذَا حَلَّى الرَّجُلُ أَوْ الْمَرْأَةُ وَلَدَهُمَا الصَّغِيرَ حُلِيًّا وَأَشْهَدَا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ أَوْ الْأُمُّ فَالْحُلِيُّ الَّذِي عَلَى الصَّبِيِّ لَهُ دُونَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ. اهـ. وَفِي إلْحَاقِهِ الْأُمَّ بِالْأَبِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحُوزُ لِابْنِهَا الصَّغِيرِ مَا وَهَبَتْهُ لَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً عَلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَأْتِي عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute