وَصَحَّ إنْ قَبَضَ لِيَتَرَوَّى
أَوْ جَدَّ فِيهِ، أَوْ تَزْكِيَةِ شَاهِدِهِ
ــ
[منح الجليل]
وَصَحَّ) قَبُولُ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْهِبَةَ بَعْدَ مَوْتِ وَاهِبِهَا (إنْ) كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَدْ (قَبَضَ) الْهِبَةَ (لِيَتَرَوَّى) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ يَتَفَكَّرُ وَيَتَأَمَّلُ فِي أَنَّ الْأَحْسَنَ قَبُولُهَا أَوْ رَدُّهَا فَمَاتَ وَاهِبُهَا وَقَبِلَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ. الْبَاجِيَّ لَوْ وَهَبَ الْمُسْتَوْدِعُ مَا عِنْدَهُ فَلَمْ يَقُلْ قَبِلْت حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقِيَاسُ بُطْلَانُهَا، وَقَالَ أَشْهَبُ بَلْ هِيَ حِيَازَةٌ جَائِزَةٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَا أَقْبَلُ. مُحَمَّدٌ هَذَا أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ الْعَطِيَّةَ بِيَدِ الْمُعْطِي فَتَأَخَّرَ الْقَبُولُ لَا يَمْنَعُ صِحَّتُهَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ وَهَبْته هِبَةً فَلَمْ يَقُلْ قَبِلْت وَقَبَضَهَا لِيَنْظُرَ رَأْيَهُ فَمَاتَ الْمُعْطِي فَهِيَ مَاضِيَةٌ إنْ رَضِيَهَا وَلَهُ رَدُّهَا. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي هِبَةِ الْمُودَعِ وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْت حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ قَوْلَانِ وَكَذَا مَنْ وُهِبَ لَهُ فَقَبَضَ لِيَتَرَوَّى ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ فَظَاهِرُهُ دُخُولُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ التَّرَوِّي وَظَاهِرُ سِيَاقِهَا الْبَاجِيَّ عَنْ مُحَمَّدٍ مُحْتَجًّا بِهَا عَلَى تَرْجِيحِ قَوْلِ أَشْهَبَ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّةِ قَبُولِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي مَسْأَلَةِ التَّرَوِّي اهـ.
(أَوْ) إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَدْ (جَدَّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالدَّالِ مُشَدَّدَةً، أَيْ اهْتَمَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ (فِيهِ) أَيْ حَوْزِ الْهِبَةِ وَمَنَعَهُ الْوَاهِبُ مِنْهُ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ بِمَوْتِهِ تَنْزِيلًا لِلْجِدِّ فِي الْحَوْزِ مَنْزِلَتَهُ (أَوْ) وَهَبَ شَيْئًا فَقَبِلَهُ وَطَلَبَهُ مِنْهُ فَأَنْكَرَهَا فَأَقَامَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ وَهَبَهُ وَطَلَبَ مِنْهُ تَزْكِيَتُهَا فَجَدَّ (فِي تَزْكِيَةِ) جِنْسِ (شَاهِدِهِ) وَمَاتَ وَاهِبُهُ قَبْلَهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ إذَا زَكَّاهَا بَعْدَ مَوْتِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ تَبْطُلُ، إذْ غَايَةُ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّهَا كَإِقْرَارِ وَاهِبِهَا بِهَا، وَهُوَ لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهَا وَمَاتَ قَبْلَ قَبْضِهَا بَطَلَتْ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ تَزْكِيَةُ شَاهِدِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إيقَافُهَا إلَّا مَعَ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْمُنْتَقَى مَنْ تَصَدَّقَ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ عَلَى رَجُلٍ فَطَلَبَهُ الْمُعْطِي وَاجْتَهَدَ فَلَمْ يَجِدْهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُعْطِي فَهُوَ نَافِذٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ الْمُعْطَى فَالْإِشْهَادُ فِيهِ وَطَلَبُ الْمُعْطَى لَهُ حَوْزَهُ حَوْزٌ كَالدَّيْنِ. فِيهَا مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِغَيْرِ ثَوَابٍ فَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا قُضِيَ بِهِ عَلَيْهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَوْ خَاصَمَهُ فِيهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي صِحَّةِ الْوَاهِبِ وَرُفِعَتْ الْهِبَةُ إلَى السُّلْطَانِ يَنْظُرُ فِيهَا فَمَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَيُقْضَى لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِهَا إنْ عُدِّلَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ لَمْ يَقُمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِيهَا حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute