. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[منح الجليل]
هِبَتِهِ وَالصَّغِيرُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ ذَلِكَ، فَكَانَ رُجُوعُهُ رُجُوعًا فِي الْهِبَةِ أَفَادَهُ الْحَطّ. الْبُنَانِيُّ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَأَنَّ طَرِيقَةَ غَيْرِهِ أَنَّ الْمَحْجُورَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي الرُّجُوعِ بَعْدَ عَامٍ، وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ عَوَّلَ الْمُتَيْطِيُّ، وَبِهَا أَفْتَى ابْنُ لُبٍّ وَبِهَا جَرَى الْعَمَلُ.
الثَّانِي: طفي عَبَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ بِرُجُوعِهَا بَعْدَهُ بِقُرْبٍ، وَكَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَمُرَادُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا بَقِيَتْ بِيَدِ الْوَاهِبِ إلَى مَوْتِهِ مَثَلًا وَإِلَّا فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ اسْتِرْجَاعُهَا لِيَصِحَّ حَوْزُهُ، فَاَلَّذِي يَبْطُلُ بِهِ الْحَوْزُ فَقَطْ لَا هِيَ مِنْ أَصْلِهَا هَذَا الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، إذْ حُكْمُهَا فِي هَذَا كَالرَّهْنِ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا تَصَدَّقَ الرَّجُلُ بِالدَّارِ أَوْ حَبَسَهَا وَتَمَادَى عَلَى سُكْنَاهَا أَوْ عَادَ إلَيْهَا عَنْ قُرْبٍ بِاكْتِرَاءٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ إرْفَاقٍ حَتَّى مَاتَ فِيهَا فَالصَّدَقَةُ أَوْ الْحَبْسُ فِيهَا بَاطِلٌ، وَأَمَّا إنْ رَجَعَ بَعْدَ انْقِطَاعِهَا عَنْهُ بِالْحِيَازَةِ لَهَا دُونَهُ انْقِطَاعًا بَيِّنًا السَّنَةَ فَمَا زَادَ فَلَا يُبْطِلُ ذَلِكَ حِيَازَتَهُ وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ تَبْطُلُ الْحِيَازَةُ بِرُجُوعِهِ إلَى يَدِ رَاهِنِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمُرْتَهِنِ بِحِيَازَتِهِ انْقِطَاعًا بَيِّنًا؛ لِأَنَّ حَوْزَ الرَّهْنِ آكَدُ. اهـ. فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الَّذِي يَبْطُلُ الْحِيَازَةُ، فَقَوْلُ ابْنِ عَاشِرٍ فِي حَاشِيَتِهِ تَعْبِيرُهُمْ بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ لِرُجُوعِهَا عَنْ قُرْبٍ يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا مِنْ أَصْلِهَا لَا حَوْزَهَا فَقَطْ، فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا لِلْحَوْزِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ، وَهَذَا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّهْنِ غَيْرَ ظَاهِرٍ وَقَدْ اسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيمَنْ وَهَبَ دَارًا ثُمَّ أَعْمَرَ فِيهَا وَاهِبُهَا بَعْدَ مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ لَا تَكُونُ حِيَازَةً نَزَعَهَا مِنْ يَدِ وَاهِبِهَا وَأَكْرَاهَا مِنْ غَيْرِهِ لِإِتْمَامِ الْحَوْزِ فِي الْهِبَةِ، وَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ الْحَوْزُ لِلْهِبَةِ كَمُؤَاجَرَةِ الرَّهْنِ لِرَاهِنِهِ مَعَ صِحَّةِ حَوْزِهِ.
الثَّالِثُ: " ق " قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَنَةٍ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا لَهُ غَلَّةٌ، وَعَلَى غَيْرِ صِغَارِ وَلَدِهِ. طفي فِيهِ نَظَرٌ، إذْ يَقْتَضِي أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي الْهِبَةِ بَيْنَ الرُّجُوعِ قَبْلَ الْعَامِ أَوْ بَعْدَهُ خَاصٌّ بِاَلَّذِي لَهُ غَلَّةٌ وَأَنَّ مَا لَا غَلَّةَ لَهُ يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَهَذَا شَيْءٌ خَرَجَ بِهِ عَنْ الْمَذْهَبِ، إذْ لَا قَائِلَ بِهِ فِيمَا عَلِمْت وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَبْسِ، وَذَلِكَ خَاصٌّ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute