إلَّا فِيمَا أُرِيدَ بِهِ الْآخِرَةُ: كَصَدَقَةٍ بِلَا شَرْطٍ
إنْ لَمْ تَفُتْ، لَا بِحَوَالَةِ سُوقٍ،
ــ
[منح الجليل]
فِيهِ تَعْتَصِرُ كَانَ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَ وَهَبَتْ فَمِثْلُ مَا رَجَّحَ اللَّخْمِيُّ فَيَتَخَرَّجُ الْقَوْلَانِ مِنْهَا. اهـ. وَلَا شَكَّ أَنَّ ظَاهِرَهَا هُوَ التَّعَلُّقُ بِالْأَقْرَبِ وَهُوَ وَهَبَتْ فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اقْتَصَرَ عَلَى مُخْتَارِ اللَّخْمِيِّ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالِاسْمِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُهَا. وَاسْتَثْنَى مِمَّا يَعْتَصِرُهُ الْأَبُ فَقَالَ (إلَّا فِيمَا) أَيْ تَبَرُّعٍ مِنْ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ (أُرِيدَ) بِفَتْحِ الدَّالِ (بِهِ) أَيْ التَّبَرُّعِ (الْآخِرَةُ) أَيْ ثَوَابُهَا فَلَيْسَ لَهُمَا اعْتِصَارُهُ؛ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ، فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ هِبَتُهُ لِابْنِهِ لِلصِّلَةِ لَا يَجُوزُ اعْتِصَارُهَا، وَكَذَا هِبَتُهُ لِضَعْفِهِ وَخَوْفِ الْخَصَاصَةِ عَلَيْهِ وَلِابْنِ الْمَاجِشُونِ كُلُّ هِبَةٍ لِوَلَدِهِ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِطَلَبِ الْأَجْرِ أَوْ لِصِلَةِ الرَّحِمِ فَلَا تَعْتَصِرُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مِثْلُ قَوْلِ عُمَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَحْوُهُ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ مُطَرِّفٍ تَعْتَصِرُ. وَشَبَّهَ فِي مَنْعِ الِاعْتِصَارُ فَقَالَ (كَصَدَقَةٍ) مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ لِوَلَدِهِمَا (بِلَا شَرْطٍ) لِاعْتِصَارِهَا فَلَيْسَ لَهُمَا اعْتِصَارُهَا.
وَمَفْهُومُ بِلَا شَرْطٍ أَنَّهُ إنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِشَرْطِ الِاعْتِصَارِ إنْ شَاءَ فَلَهُ الِاعْتِصَارُ وَهُوَ كَذَلِكَ. الْبَاجِيَّ إذَا قَيَّدَ الْهِبَةَ أَوْ الْعَطِيَّةَ أَوْ النِّحْلَةَ قَالَ إنِّي سَلَّطْت عَلَيْهَا حُكْمَ الِاعْتِصَارِ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي جَوَازِ الِاعْتِصَارِ. ابْنُ رُشْدٍ الِاعْتِصَارُ لَا يَكُونُ فِي الصَّدَقَاتِ إلَّا بِشَرْطٍ.
وَذَكَرَ مَوَانِعَ الِاعْتِصَارِ فَقَالَ (إنْ لَمْ تَفُتْ) الْهِبَةُ (بِحَوَالَةِ) أَيْ تُغَيَّرُ (سُوقٍ) أَيْ قِيمَةٍ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ عَلَى قِيمَتِهَا يَوْمَ هِبَتِهَا، فَإِنْ فَاتَتْ بِهَا فَلَا تَعْتَصِرُ، هَذَا ظَاهِرُهُ، وَلَكِنْ قَالَ " ق " لَوْ قَالَ وَلَوْ فَاتَتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ لَا بِزَيْدٍ وَنَقْصٍ لَوَافَقَ نَصَّ الْبَاجِيَّ إذَا تَغَيَّرَتْ الْهِبَةُ فِي قِيمَتِهَا بِتَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ اعْتِصَارَهَا قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْهِبَةَ عَلَى حَالِهَا وَزِيَادَةُ الْقِيمَةِ وَنُقْصَانُهَا لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِهَا وَلَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي صِفَتِهَا فَلَا يَمْنَعُ اعْتِصَارُهَا كَنَقْلِهَا مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ.
" غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ إنْ لَمْ تَفُتْ لَا بِحَوَالَةِ سُوقٍ، بَلْ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute