للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَرْكَبُهَا أَوْ يَأْكُلُ مِنْ غَلَّتِهَا، وَهَلْ إلَّا أَنْ يَرْضَى الِابْنُ الْكَبِيرُ بِشُرْبِ اللَّبَنِ؟

ــ

[منح الجليل]

فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يَشْتَرِي الرَّجُلُ صَدَقَتَهُ مِنْ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ، مُحَمَّدٌ لَا تَرْجِعُ بِاخْتِيَارٍ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ تَدَاوَلَتْهَا الْأَمْلَاكُ وَالْمَوَارِيثُ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ هَلْ النَّهْيُ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ التَّحْرِيمِ؟ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَهَا وَيُكْرَهُ وَظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَجُوزُ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْمَثَلَ ضُرِبَ لَنَا بِمَا لَيْسَ بِحَرَامٍ. ابْنُ عَرَفَةَ التَّعْلِيلُ يَدُلُّ عَلَى ذَمِّ الْفَاعِلِ بِتَشْبِيهِهِ بِالْكَلْبِ الْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ وَالذَّمُّ عَلَى الْفِعْلِ يَدُلُّ عَلَى حُرْمَتِهِ. عِزُّ الدِّينِ لِبُعْدِ اللَّخْمِيِّ عَنْ قَوَاعِدِ أُصُولِ الْفِقْهِ، قَالَ مَا ذَكَرَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَرُجُوعُهَا بِالْإِرْثِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ جَبْرٌ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَجُوزُ الْحُرْمَةُ، وَهُوَ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَسَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَبَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ الْمَشْهُورِ بِالْكَرَاهَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى غَيْرَ لَفْظِ لَا يَجُوزُ.

(وَلَا يَرْكَبُهَا) أَيْ الْمُتَصَدِّقُ الدَّابَّةَ الَّتِي تَصَدَّقَ بِهَا (أَوْ يَأْكُلُ) الْمُتَصَدِّقُ (غَلَّتَهَا) أَيْ الصَّدَقَةِ. فِيهَا مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِصَدَقَةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثَمَرِهَا وَلَا يَرْكَبُهَا إنْ كَانَتْ دَابَّةً وَلَا يَنْتَفِعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَلَا مِنْ ثَمَنِهَا، وَالْأُمُّ وَالْأَبُ إذَا احْتَاجَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمَا مِمَّا تَصَدَّقَا بِهِ عَلَى الْوَلَدِ. مُحَمَّدٌ وَلَا يَسْتَعِيرُ مَا تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَعْطَاهُ لِرَجُلٍ فِي السَّبِيلِ وَإِنْ تَصَدَّقَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ فَلَا يَقْبَلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِالْأَصْلِ، وَإِنَّمَا تَصَدَّقَ بِالْغَلَّةِ عُمْرَى أَوْ إلَى أَجَلٍ فَلَهُ شِرَاؤُهَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَأَصْحَابُهُ إلَّا عَبْدَ الْمَلِكِ، وَلِلرَّجُلِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ لَحْمِ غَنَمٍ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى ابْنِهِ وَيَشْرَبَ مِنْ لَبَنِهَا وَيَكْتَسِيَ مِنْ صُوفِهَا إذَا رَضِيَ الْوَلَدُ وَكَذَلِكَ الْأُمُّ، وَهَذَا فِي الْوَلَدِ الرَّشِيدِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَفْعَلُ وَقَالَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ابْنُ رُشْدٍ شِرَاءُ غَلَّةِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ مِنْ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ، قِيلَ جَائِزٌ كَالْعَرِيَّةِ بِخَرْصِهَا، وَكَرِهَهُ أَشْهَبُ وَهُوَ الصَّوَابُ. ابْنُ عَرَفَةَ شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ بِخَرْصِهَا عَوْدٌ فِي عَيْنِ الْعَطِيَّةِ لَا فِي غَلَّتِهَا.

(وَهَلْ) يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِغَلَّةِ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ بِهَا فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا (أَنْ يَرْضَى) ابْنُ الْمُتَصَدِّقِ (الْكَبِيرُ) أَيْ الْبَالِغِ الرَّشِيدِ (بِشُرْبِ اللَّبَنِ) أَبُوهُ أَوْ أُمُّهُ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ بِذَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>