وَمَضَى بَيْعُهُ: وَإِنْ قَالَ رَبُّهُ كُنْت أَعْتَقْته وَلَهُ عِتْقُهُ وَهِبَتُهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ، وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ؛ وَضَمِنَهُ إنْ أَرْسَلَهُ، إلَّا لِخَوْفٍ مِنْهُ: كَمَنْ اسْتَأْجَرَهُ فِيمَا يَعْطَبُ فِيهِ،
ــ
[منح الجليل]
وَ) إذَا بَاعَهُ الْإِمَامُ (مَضَى بَيْعُهُ) أَيْ الْآبِقِ (وَإِنْ قَالَ رَبُّهُ كُنْت أَعْتَقْته) أَيْ الْآبِقَ قَبْلَ بَيْعِهِ لِاتِّهَامِهِ بِالتَّحَيُّلِ عَلَى نَقْضِ بَيْعِهِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لَهُ بِإِعْتَاقِهِ قَبْلَهُ فَيُنْقَضُ بَيْعُهُ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ جَاءَ رَبُّ الْآبِقِ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ السَّنَةِ وَالْعَبْدُ قَائِمٌ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا ثَمَنُهُ وَلَا يَرُدُّ بَيْعَهُ لِأَنَّ الْإِمَامَ بَاعَهُ وَبَيْعُهُ جَائِزٌ، وَلَوْ قَالَ رَبُّهُ كُنْت أَعْتَقْته أَوْ دَبَّرْته بَعْدَ إبَاقِهِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى نَقْضِ الْبَيْعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
(وَلَهُ) أَيْ رَبُّ الْآبِقِ (عِتْقُهُ) أَيْ الْآبِقِ نَاجِزًا مَجَّانًا وَعَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ وَإِلَى أَجَلٍ وَكِتَابَتُهُ وَتَدْبِيرُهُ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ وَالْإِيصَاءُ بِهِ (وَهِبَتُهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ وَتُقَامُ عَلَيْهِ) أَيْ الْآبِقِ (الْحُدُودُ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِزِنًا وَسَرِقَةٍ وَشُرْبِ مُسْكِرٍ وَقَذْفٍ وَرِدَّةٍ وَتَرْكِ صَلَاةٍ وَنَحْوِهَا. فِيهَا يَجُوزُ لِسَيِّدِ الْآبِقِ عِتْقُهُ وَتَدْبِيرُهُ. وَهِبَتُهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ لِثَوَابٍ، وَإِنْ زَنَى الْآبِقُ أَوْ سَرَقَ أَوْ قَذَفَ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.
(وَضَمِنَهُ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ، أَيْ الْآبِقَ آخِذُهُ (إنْ أَرْسَلَهُ) أَيْ أَطْلَقَ الْآخِذُ الْآبِقَ وَخَلَّى سَبِيلَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) إرْسَالَهُ (لِخَوْفٍ مِنْهُ) أَيْ الْآبِقِ أَنْ يَقْتُلَ آخِذَهُ أَوْ يَضُرَّهُ فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ فَلَا يُوجِبُ إرْسَالُهُ ضَمَانَهُ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ أَخَذَ آبِقًا فَأَبَقَ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرْسَلَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ ضَمِنَهُ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَوْ خَلَّاهُ بَعْدَ أَنْ أَخَذَهُ لِعُذْرٍ بِأَنْ خَافَ أَنْ يَقْتُلَهُ أَوْ يَضُرَّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرْسَلَهُ لِشِدَّةِ النَّفَقَةِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ (كَمَنْ) أَيْ شَخْصٍ أَوْ الشَّخْصِ الَّذِي (اسْتَأْجَرَهُ) أَيْ الْآبِقُ مِنْ نَفْسِهِ (فِيمَا) أَيْ عَمِلَ (يَعْطَبُ) الْآبِقُ (فِيهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ وَعَطِبَ فَيَضْمَنُهُ.
فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ اسْتَأْجَرَ آبِقًا فَعَطِبَ فِي عَمَلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ آبِقٌ ضَمِنَهُ لِرَبِّهِ، وَقَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ أَجَرَ عَبْدًا عَلَى تَبْلِيغِ كِتَابٍ إلَى بَلَدٍ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ عَبْدٌ فَعَطِبَ فِي الطَّرِيقِ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ، ثُمَّ قَالَ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْآبِقَ مَنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي عَمَلٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute