للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

تَنْبِيهَاتٌ)

الْأَوَّلُ: فِي الذَّخِيرَةِ عَقْدُ الْقَضَاءِ جَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مُطْلَقًا كَالْجَعَالَةِ وَالْقِرَاضِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي عَمَلِهِمَا وَالْمُغَارَسَةِ وَالتَّحْكِيمِ وَالْوَكَالَةِ، فَلِلْإِمَامِ عَزْلُهُ وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ مُطْلَقًا كَمَا يَأْتِي.

الثَّانِي: ابْنُ سَهْلٍ تَلْخِيصُ خُطَطِ الْوِلَايَةِ الْقَضَاءُ وَالشُّرْطَةُ وَالْمَظَالِمُ وَالرَّدُّ وَالْمَدِينَةُ وَالسُّوقُ، فَمُتَعَلِّقُ حُكْمِ وَالِي الرَّدِّ مَا اسْتَرَابَهُ الْقُضَاةُ وَرَدُّوهُ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَصَاحِبُ السُّوقِ يُعْرَفُ بِصَاحِبِ الْحِسْبَةِ لِأَنَّ أَكْثَرَ نَظَرِهِ فِيهَا بِالْأَسْوَاقِ مِنْ غِشٍّ وَتَفَقُّدِ مِكْيَالٍ وَمِيزَانٍ.

الثَّالِثُ: عِلْمُ الْقَضَاءِ أَخَصُّ مِنْ الْعِلْمِ بِفِقْهِهِ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ فِقْهِهِ كُلِّيٌّ مِنْ حَيْثُ هُوَ كُلِّيٌّ وَمُتَعَلِّقُ عِلْمِهِ كُلِّيٌّ مِنْ حَيْثُ صِدْقُ كُلِّيِّهِ عَلَى جُزْئِيَّاتٍ، وَكَذَا فِقْهُ الْفَقِيهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ فَقِيهًا هُوَ أَعَمُّ مِنْ فِقْهِ الْفَقِيهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُفْتِيًا، ثُمَّ قَالَ وَإِذَا تَأَمَّلْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ حَالَ الْفَقِيهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَقِيهٌ كَحَالِ عَالِمٍ بِكُبْرَى قِيَاسِ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ فَقَطْ، وَحَالُ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي كَحَالِ عَالِمٍ بِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِصُغْرَاهُ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْعِلْمَ بِهِمَا أَشَقُّ وَأَخَصُّ مِنْ الْعِلْمِ بِالْكُبْرَى فَقَطْ، وَأَيْضًا فِقْهُ الْقَضَاءِ وَالْفَتْوَى مَبْنِيَّانِ عَلَى النَّظَرِ فِي الصُّوَرِ الْجُزْئِيَّةِ بِإِدْرَاكِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَوْصَافِ الَّتِي فِيهَا، فَيُلْغَى طَرْدِيُّهَا وَيُعْمَلُ مُعْتَبَرُهَا.

ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عِلْمُ الْقَضَاءِ وَإِنْ كَانَ أَحَدَ أَنْوَاعِ عِلْمِ الْفِقْهِ مُتَمَيِّزٌ بِأُمُورٍ لَا يُحْسِنُهَا كُلُّ فَقِيهٍ، وَرُبَّمَا كَانَ بَعْضُ النَّاسِ عَارِفًا بِفَصْلِ الْخِصَامِ، وَلَيْسَ لَهُ بَاعٌ فِي غَيْرِهِ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، كَمَا أَنَّ عِلْمَ الْفَرَائِضِ كَذَلِكَ، وَكَمَا أَنَّ عِلْمَ التَّصْرِيفِ مِنْ عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ زَمَانِنَا لَا يُحْسِنُونَهُ، وَقَدْ يُحْسِنُهُ مَنْ هُوَ دُونَهُمْ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَلَا غَرَابَةَ فِي امْتِيَازِ عِلْمِ الْقَضَاءِ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْفِقْهِ، وَإِنَّمَا الْغَرَابَةُ فِي اسْتِعْمَالِ كُلِّيَّاتِ عِلْمِ الْفِقْهِ وَتَطْبِيقِهَا عَلَى جُزْئِيَّاتِهَا الْوَاقِعَةِ بَيْنَ النَّاسِ وَهُوَ عَسِيرٌ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ فَتَجِدُ مَنْ يَحْفَظُ أُصُولًا كَثِيرَةً مِنْ الْفِقْهِ وَيَفْهَمُهَا وَيُعَلِّمُهَا غَيْرَهُ، وَإِذَا سُئِلَ عَنْ الْوَاقِعَةِ جُزْئِيَّةً مِنْ مَسَائِلِ الصَّلَاةِ أَوْ مِنْ مَسَائِلِ الْإِيمَانِ لَا يُحْسِنُ الْجَوَابَ، بَلْ لَا يَفْهَمُ مُرَادَ السَّائِلِ عَنْهَا إلَّا بَعْدَ عُسْرٍ، وَلِلشُّيُوخِ فِي هَذَا حِكَايَاتٌ نَبَّهَ ابْنُ سَهْلٍ عَلَى بَعْضِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>