للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَدْلٌ،

ــ

[منح الجليل]

شُرَيْحًا لِلْكُوفَةِ وَكَعْبَ بْنَ سِرَارٍ لِلْبَصْرَةِ، وَقِيلَ أَوَّلُ مِنْ اسْتَقْضَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمَّا مَنَعَتْهُ الْحُرُوبُ اسْتَقْضَى شُرَيْحًا، وَقَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمْ يَسْتَقْضِ أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ وَلَا عُثْمَانُ يَعْنِي بِدَارِ الْهِجْرَةِ وَسَائِرِ الْبِلَادِ بَعَثُوا إلَيْهَا قُضَاةً وَاسْتَقْضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا وَمُعَاذًا وَغَيْرَهُمَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.

الثَّامِنُ: صِفَاتُ الْقَاضِي الْمَطْلُوبَةُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: شُرُوطٌ فِي صِحَّةِ تَوْلِيَتِهِ وَشُرُوطٌ فِي دَوَامِهَا وَشُرُوطٌ فِي كَمَالِهَا، أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى الْأُولَى بِقَوْلِهِ عَدْلٌ إلَى قَوْلِهِ فَأَمْثَلُ مُقَلِّدٍ، وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ وَنَفَذَ حُكْمُ أَعْمَى إلَى قَوْلِهِ وَوَجَبَ عَزْلُهُ وَإِلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ كَوَرَعٍ إلَخْ.

(عَدْلٌ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ بَالِغٌ عَاقِلٌ مُسْلِمٌ ذَكَرٌ حُرٌّ غَيْرُ فَاسِقٍ وَلَا مُرْتَكِبٍ مَا يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ. ابْنُ رُشْدٍ لِلْقَضَاءِ خِصَالٌ مُشْتَرَطَةٌ فِي صِحَّةِ وِلَايَتِهِ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا بَالِغًا ذَكَرًا عَاقِلًا وَاحِدًا، فَهَذِهِ السِّتُّ خِصَالٍ لَا يَصِحُّ أَنْ يُوَلَّى الْقَضَاءَ عَلَى مَذْهَبِنَا إلَّا مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ، فَإِنْ وَلِيَ مَنْ لَمْ تَجْتَمِعْ فِيهِ لَمْ تَنْعَقِدْ وِلَايَتُهُ وَإِنْ انْخَرَمَ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْدَ انْعِقَادِ الْوِلَايَةِ سَقَطَتْ الْوِلَايَةُ. الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ نَصَّ أَصْحَابُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حُرًّا وَأَمِيرُ الْجَيْشِ وَالْحَرْبِ فِي مَعْنَاهُ، فَإِنَّهَا مَنَاصِبُ دِينِيَّةٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا تَنْفِيذُ أَحْكَامٍ شَرْعِيَّةٍ فَلَا يَصْلُحُ لَهَا الْعَبْدُ لِأَنَّهُ نَاقِصٌ بِالرِّقِّ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ وَمَسْلُوبُ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ وَالتَّنْفِيذِ لَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَلَا لِلْإِمَارَةِ، وَأَظُنُّ جُمْهُورَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى هَذَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ وِلَايَةِ الْعَتِيقِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ، وَعَزَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِلْجُمْهُورِ، قَالَا وَمَنَعَهَا سَحْنُونٌ خَوْفَ اسْتِحْقَاقِهِ فَيُرَدُّ إلَى الرِّقِّ، وَتُرَدُّ أَحْكَامُهُ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ وِلَايَةَ الْفَاسِقِ لَا تَصِحُّ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَافَقَ الْحَقَّ أَمْ لَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ صَرَّحَ بِهِ فِي تَوْضِيحِهِ، وَقَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَصْبَغُ فِسْقُهُ مُوجِبٌ لِعَزْلِهِ وَلَا تَجُوزُ تَوْلِيَةُ الْفَاسِقِ، وَيَمْضِي مِنْ أَحْكَامِهِ مَا وَافَقَ الْحَقَّ. وَفِي الْعُمْدَةِ هَلْ يَنْعَزِلُ بِفِسْقِهِ أَوْ يَجِبُ عَزْلُهُ قَوْلَانِ. الْقَرَافِيُّ إنْ لَمْ يُوجَدْ عَدْلٌ وُلِّيَ أَمْثَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>