مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالَ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ، وَالْعَمُودِيُّ: حِلَّتَهُ،
ــ
[منح الجليل]
شَرْطِ (مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ بِ) النِّسْبَةِ لِ (قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ) بِحَمْلِ قَوْلِهَا حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ قَرْيَتِهِ عَلَى مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْهَا. رَوَى مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إنْ كَانَتْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ فَلَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ مِنْهَا حَتَّى يُجَاوِزَ بُيُوتَهَا بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ السُّورِ إنْ كَانَ لَهَا سُورٌ، وَإِلَّا فَمِنْ آخِرِ بِنَائِهَا. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ فَتَكْفِي مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ فَقَطْ.
وَاخْتُلِفَ هَلْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُفَسِّرَةٌ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ، وَعَلَى هَذَا فَكَلَامُهَا خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ مُحَالِفَةٌ لَهَا، وَأَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِلْمُعْتَمَدِ، وَقَوْلُهَا حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ قَرْيَتِهِ أَيْ بِمُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ، وَهُوَ رَأْيُ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ، وَإِلَى مَا ذُكِرَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ إلَخْ أَيْ تُؤُوِّلَتْ عَلَى مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ مُطْلَقًا، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ تَأْوِيلُ الْمُخَالَفَةِ، وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالْأَرْبَعَةُ الْبُرُدُ مِنْ مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ. وَعَلَى مُقَابِلِهِ فَهَلْ الثَّلَاثَةُ الْأَمْيَالُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْبُرُدِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَغَيْرُهُ أَوَّلًا تَحْسِبُهُ مِنْهَا. وَصَوَّبَهُ ابْنُ نَاجِي عبق وَالْخَرَشِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ تَزِدْ الْبَسَاتِينُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، وَإِلَّا اتَّفَقَ الْقَوْلَانِ عَلَى مُجَاوَزَتِهَا.
وَكَذَا إنْ كَانَتْ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ الْبُنَانِيُّ أَلْحَقَ إطْلَاقَ الْخِلَافِ سَوَاءٌ زَادَتْ الْبَسَاتِينُ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَمْيَالِ أَوْ زَادَتْ الثَّلَاثَةُ الْأَمْيَالِ عَلَى الْبَسَاتِينِ. وَنَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ يُفِيدُ أَنَّ قَرْيَةَ غَيْرِ الْجُمُعَةِ الَّتِي زَادَتْ بَسَاتِينُهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ اتَّفَقُوا فِيهَا عَلَى اشْتِرَاطِ مُجَاوَزَةِ بَسَاتِينِهَا. وَأَنَّ قَرْيَةَ الْجُمُعَةِ الَّتِي هِيَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَّفِقُوا فِيهَا عَلَى اشْتِرَاطِ مُجَاوَزَةِ بَسَاتِينِهَا وَاكْتَفَى فِيهَا مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ سُورِهَا أَوْ طَرَفِ بِنَائِهَا، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَ) إنْ عَدَّى (الْعَمُودِيُّ) أَيْ الْبَدْوِيُّ الَّذِي رَفَعَ بَيْتَهُ عَلَى عَمُودٍ مِنْ خَشَبٍ فَلِذَا نُسِبَ إلَيْهِ (حِلَّتَهُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ مَنْزِلَةَ بُيُوتِ قَوْمِهِ وَلَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً حَيْثُ جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ أَيْ الْجَدِّ الَّذِي انْتَسَبُوا إلَيْهِ وَالدَّارُ أَيْ الْمَنْزِلَةُ الَّتِي نَزَلُوا فِيهَا أَوْ الدَّارُ فَقَطْ فَلَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ مِنْهُمْ حَتَّى يُجَاوِزَ جَمِيعَ بُيُوتِهِمْ. وَلَوْ سَارَ فِيهَا أَيَّامًا؛ لِأَنَّ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute