للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا أَقَلَّ إلَّا كَمَكِّيٍّ فِي خُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ وَرُجُوعِهِ

وَلَا رَاجِعٌ لِدُونِهَا، وَلَوْ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ.

ــ

[منح الجليل]

وَالْعَطْفَ لِلتَّفْسِيرِ، أَيْ الْمُرَادُ بِدُخُولِهَا الْقُرْبُ مِنْهَا وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ مِيلٍ، وَبِأَنَّ الدُّخُولَ لِمَنْ اسْتَمَرَّ سَائِرًا وَالْقُرْبَ لِمَنْ نَزَلَ خَارِجَهَا لِاسْتِرَاحَةٍ مَثَلًا وَبِأَنَّهُمَا قَوْلَانِ.

(لَا) يَقْصُرُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ (أَقَلَّ) مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ أَيْ يَحْرُمُ وَتَبْطُلُ إنْ قَصَرَهَا فِي خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ مِيلًا. وَتَصِحُّ فِي أَرْبَعِينَ فَأَكْثَرَ وَلَا تُعَادُ اتِّفَاقًا. وَإِنْ حَرُمَ وَتَصِحُّ فِيمَا بَيْنَ الْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ، وَلَا تُعَادُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَقِيلَ تُعَادُ فِي الْوَقْتِ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا أَقَلَّ فَقَالَ (إلَّا كَمَكِّيٍّ) وَمَنْوِيٍّ وَمُزْدَلِفِيٍّ وَعَرَفِيٍّ وَمُحَصَّبِيٍّ فَيُسَنُّ لَهُ الْقَصْرُ (فِي خُرُوجِهِ) مِنْ مَحَلِّهِ (لِعَرَفَةَ) لِلْحَجِّ.

(وَ) فِي (رُجُوعِهِ) لِبَلَدِهِ سَوَاءٌ بَقِيَ عَلَيْهِ عَمَلٌ مِنْ النُّسُكِ بِغَيْرِ بَلَدِهِ أَمْ لَا عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَيَقْصُرُ الْمَنْوِيَّ فِي رُجُوعِهِ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ الْعَاشِرِ لِمِنًى لِلْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ بِهَا وَالْمُزْدَلِفِيُّ وَالْعَرَفِيُّ وَالْمُحَصَّبِيُّ فِي رُجُوعِهِمْ لِبِلَادِهِمْ. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي خُرُوجِهِ وَرُجُوعِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْأَمْكِنَةِ يُتِمُّ بِمَكَانِهِ. وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ عَمَلٌ بِغَيْرِهِ كَمَكِّيٍّ رَجَعَ يَوْمَ النَّحْرِ لِمَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِ حُكْمُ الْعَرَفِيِّ لِقَوْلِهِ فِي خُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كَالْمَكِّيِّ فَيَقْصُرُ فِي خُرُوجِهِ لِمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَمَكَّةَ وَرُجُوعِهِ إلَيْهَا وَيُتِمُّ بِهَا نَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ. وَقَالَ الْبَاجِيَّ لَا يَقْصُرُ الْعَرَفِيُّ وَاسْتِنَانُ الْقَصْرِ فِي الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ لِلسُّنَّةِ.

(وَلَا) يَقْصُرُ (رَاجِعٌ) بَعْدَ سَفَرِهِ مِنْ مَحَلٍّ سَوَاءٌ كَانَ وَطَنًا أَمْ لَا وَصِلَةُ رَاجِعٌ (لِدُونِهَا) أَيْ مِنْ دُونِ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ سَفَرٌ مُسْتَقِلٌّ، وَلَيْسَ فِيهِ الْمَسَافَةُ وَصَلَاتُهُ الْمَقْصُورَةُ فِي ذَهَابِهِ قَبْلَ رُجُوعِهِ صَحِيحَةٌ فَلَا يُعِيدُهَا هَذَا إنْ رَجَعَ تَارِكًا السَّفَرَ بَلْ (وَلَوْ) رَجَعَ لِلْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ (لِشَيْءٍ نَسِيَهُ) وَيَعُودُ لِسَفَرِهِ، فَإِنْ رَجَعَ لِغَيْرِهِ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ قَصَرَ فِي رُجُوعِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. وَمَفْهُومُ لِدُونِهَا أَنَّهُ إذَا رَجَعَ بَعْدَهَا يَقْصُرُ فِي رُجُوعِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>