للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَطَعَهُ: دُخُولُ بَلَدِهِ، وَإِنْ بِرِيحٍ إلَّا مُتَوَطِّنٌ كَمَكَّةَ رَفَضَ سُكْنَاهَا، وَرَجَعَ نَاوِيًا السَّفَرَ.

ــ

[منح الجليل]

مُحْتَرَزُ دَفْعَةً. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ عَازِمًا عَلَى السَّفَرِ، وَأَقَامَ قَبْلَ سَفَرِهِ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ يَنْتَظِرُ رُفْقَةً تَلْحَقُهُ لَا يُسَافِرُ دُونَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ لُحُوقِهَا فَيُتِمُّ مُدَّةَ انْتِظَارِهِ. فَإِنْ نَوَى انْتِظَارَهَا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ لَمْ تَلْحَقْهُ سَافَرَ دُونَهَا أَوْ عَلِمَ لُحُوقَهَا قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ قَصَرَ مُدَّةَ انْتِظَارِهَا.

(وَقَطَعَهُ) أَيْ الْقَصْرَ (دُخُولُ بَلَدِهِ) الرَّاجِعِ هُوَ إلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ وَطَنَهُ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ فَإِذَا كَفَتْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ فِي قَطْعِ الْقَصْرِ فَالْفِعْلُ الْمُحَصِّلُ لَهَا بِالظَّنِّ أَوْلَى إنْ دَخَلَهُ مُخْتَارًا. بَلْ (وَإِنْ) دَخَلَهُ (بِرِيحٍ) غَالِبَةٍ مِنْ جِهَةِ الْبَحْرِ فَرَدَّتْهُ لِبَلَدِهِ بِخِلَافِ دُخُولِهِ بِرَدِّ غَاصِبٍ فَلَا يُقْطَعُ الْقَصْرُ لِإِمْكَانِ التَّخَلُّصِ مِنْهُ بِشَفَاعَةٍ أَوْ هُرُوبٍ أَوْ اسْتِعَانَةٍ، فَهُوَ مَظِنَّةُ عَدَمِ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ بِخِلَافِ الرِّيحِ فَلَا حِيلَةَ تَنْفَعُ مِنْهَا، وَمِثْلُ رَدِّ الرِّيحِ جُمُوحُ الدَّابَّةِ، وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ بِجَوَازِ الْقَصْرِ لِمَنْ غَلَبَتْهُ الرِّيحُ وَرَدَّتْهُ لِبَلَدِهِ.

(إلَّا) شَخْصًا (مُتَوَطِّنًا) أَيْ مُقِيمًا إقَامَةً قَاطِعَةً الْقَصْرَ بِبَلَدٍ (كَ) مُجَاوِرٍ بِ (مَكَّةَ) الْمُشَرَّفَةِ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ (رَفَضَ سُكْنَاهَا) وَسَافَرَ مِنْهَا لِلتَّوَطُّنِ بِغَيْرِهَا عَلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ (وَرَجَعَ) لَهَا بَعْدَ سَيْرِ الْمَسَافَةِ فَإِنْ رَجَعَ مِنْ دُونِهَا أَتَمَّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ. وَلَا رَاجِعٌ لِدُونِهَا قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ حَالَ كَوْنِهِ (نَاوِيًا السَّفَرَ) مِنْهَا عَقِبَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ وَلَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِهَا فَيَقْصُرُ حَالَ إقَامَتِهِ بِهَا، وَمِثْلُ نِيَّةِ السَّفَرِ خُلُوُّ الذِّهْنِ، فَالْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ.

الْبُنَانِيُّ حَمَلَهُ الْحَطّ وَالْمَوَّاقُ وَغَيْرُهُمَا عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا وَمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ، وَأَقَامَ بِهَا بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَوْطَنَهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجُحْفَةِ ثُمَّ يَعُودَ إلَى مَكَّةَ وَيُقِيمَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجَ مِنْهَا فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُتِمُّ فِي يَوْمَيْهِ، ثُمَّ قَالَ يَقْصُرُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ. اهـ.

وَوَجَّهَ ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْإِقَامَةَ فِيهَا أَكْسَبَتْهَا حُكْمَ الْوَطَنِ، وَوَجَّهَ الثَّانِيَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>