وَتَقَرُّرُ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ: حُكْمٌ لَا أُجِيزُهُ،
ــ
[منح الجليل]
(وَتَقَرُّرُ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْقَافِ وَضَمِّ الرَّاءِ مُثَقَّلًا، أَيْ تَقْرِيرُ (نِكَاحِ) امْرَأَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا (بِغَيْرِ وَلِيٍّ) أَيْ قَوْلِهِ قَرَّرْتُهُ (حُكْمٌ) رَافِعٌ لِلْخِلَافِ. خَبَرُ " نَقْلُ " وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ. عَبَّ وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِتَقْرِيرِهِ مَا يَشْمَلُ سُكُوتَ الْحَنَفِيِّ عَنْهُ حِينَ رُفِعَ لَهُ وَعَدَمَ حُكْمِهِ بِإِثْبَاتٍ وَلَا نَفْيٍ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِلْخَرَشِيِّ، وَيَشْهَدُ لَهُ النَّقْلُ الْآتِي.
ابْنُ شَاسٍ مَا قَضَى بِهِ الْحَاكِمُ مِنْ نَقْلِ الْأَمْلَاكِ وَفَسْخِ الْعُقُودِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ حُكْمًا، فَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ تَأْثِيرُ الْقَاضِي فِي الْحَادِثَةِ أَكْثَرَ مِنْ إقْرَارِهَا لَمَا رُفِعَتْ إلَيْهِ مِثْلُ أَنْ يُرْفَعَ إلَيْهِ نِكَاحُ امْرَأَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَأَقَرَّهُ وَأَجَازَهُ ثُمَّ عُزِلَ وَجَاءَ غَيْرُهُ، فَهَذَا مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ طَرِيقُهُ طَرِيقُ الْحُكْمِ وَإِمْضَاؤُهُ وَالْإِقْرَارُ عَلَيْهِ كَالْحُكْمِ بِإِجَارَتِهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى نَقْضِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ.
اللَّخْمِيُّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحْسَنُ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ إنْ تَرَكَ الْقَاضِي الْحُكْمَ بِمَسْأَلَةٍ فَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ بِفِقْهِهِ أَنْ يَمْضِيَ حُكْمُهُ بِالتَّرْكِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ صَحِيحٌ كَتَرْكِهِ فَسْخَ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَنِكَاحَ مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ قَبْلَ الْمِلْكِ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ جَارٍ عَلَى الْقَوْلِ بِبَقَاءِ الْأَعْرَاضِ وَجُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى خِلَافِهِ.
(لَا) يُعَدُّ حُكْمًا قَوْلُ الْقَاضِي فِي شَأْنِ عَقْدٍ رُفِعَ إلَيْهِ (لَا أُجِيزُهُ) ابْنُ شَاسٍ لَوْ رُفِعَ هَذَا النِّكَاحُ إلَى قَاضٍ فَقَالَ أَنَا لَا أُجِيزُ النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ، وَلَمْ يَحْكُمْ بِفَسْخِهِ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِحُكْمٍ وَلَكِنَّهُ فَتْوَى وَلِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ اسْتَقَالَ النَّظَرَ فِيهِ فَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى جَعْلِهِ فَتْوَى أَنَّ لِمَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ نَقْضُهُ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ الْأَوَّلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلثَّانِي نَقْضُهُ، لِأَنَّ قَوْلَ الْأَوَّلِ لَا أُجِيزُهُ وَلَا أَفْسَخُهُ حُكْمٌ مِنْهُ بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَالْكَرَاهَةُ أَحَدُ أَقْسَامِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْخَمْسَةِ الَّتِي يَجِبُ رَعْيُ كُلِّ حُكْمٍ مِنْهَا وَلَازِمِهِ وَحُكْمِ الْمَكْرُوهِ. وَعَدَمُ نَقْضِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي حُكْمِ الْحَاكِمِ إذَا كَانَ مُتَعَلِّقُهُ تَرْكًا (أَوْ أَفْتَى) الْقَاضِي فِي أَمْرٍ رُفِعَ إلَيْهِ فَلَيْسَتْ فَتْوَاهُ حُكْمًا اتِّفَاقًا. ابْنُ الْحَاجِبِ فَتْوَاهُ فِي وَاقِعَةٍ وَاضِحٌ أَنَّهُ لَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute