للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَنْ لَا يُضْبَطُ نُزُولُهُ وَكَالْمَبْطُونِ، وَلِلصَّحِيحِ فِعْلُهُ، وَهَلْ الْعِشَاءَانِ كَذَلِكَ؟ تَأْوِيلَانِ.

ــ

[منح الجليل]

وَيُسَمَّى جَمْعًا صُورِيًّا أَيْ فِي الصُّورَةِ لَا فِي الْحَقِيقَةِ لِإِيقَاعِ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ، وَالْجَمْعُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ قَرْنُهُمَا مَعَ كَوْنِ إحْدَاهُمَا فِي غَيْرِ مُخْتَارِهَا مُقَدَّمَةً أَوْ مُؤَخَّرَةً عَنْهُ.

وَشَبَّهَ فِي فِعْلِهِمَا فِي وَقْتَيْهِمَا فَقَالَ (كَمَنْ) أَيْ مُسَافِرٍ زَالَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ، وَهُوَ رَاكِبٌ حَالَ كَوْنِهِ (لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ) أَيْ لَا يَدْرِي هَلْ يَنْزِلُ قَبْلَ الِاصْفِرَارِ أَوْ فِيهِ أَوْ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ آخِرَ الْقَامَةِ الْأُولَى وَالْعَصْرَ أَوَّلَ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ زَالَتْ عَلَى مَنْ لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ، وَهُوَ نَازِلٌ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ وَيُؤَخِّرُ الْعَصْرَ.

وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي فِعْلِهِمَا فِي وَقْتَيْهِمَا مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ (، وَكَالْمَبْطُونِ) أَيْ الْمَرِيضِ بِبَطْنِهِ الَّذِي يَشُقُّ عَلَيْهِ فِعْلُ كُلِّ صَلَاةٍ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ (وَلِ) لِشَخْصِ ا (الصَّحِيحِ) السَّالِمِ مِنْ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ (فِعْلُهُ) أَيْ الْجَمْعِ الصُّورِيِّ لَكِنْ تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ بِخِلَافِ الْمَعْذُورِ. (وَهَلْ الْعِشَاءَانِ كَذَلِكَ) أَيْ الظُّهْرَيْنِ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ بِتَنْزِيلِ الْغُرُوبِ مَنْزِلَةَ الزَّوَالِ، وَالثُّلُثِ الْأَوَّلِ مَنْزِلَةَ مَا قَبْلَ الِاصْفِرَارِ وَالثُّلُثِ الثَّانِي إلَى الْفَجْرِ مَنْزِلَةَ الِاصْفِرَارِ، وَالْفَجْرِ مَنْزِلَةَ الْغُرُوبِ، وَعَلَيْهِ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ، وَهُوَ نَازِلٌ وَنَوَى الِارْتِحَالَ وَالنُّزُولَ بَعْدَ الْفَجْرِ قَدَّمَهُمَا قَبْلَ ارْتِحَالِهِ.

وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ عَقِبَ الشَّفَقِ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ أَخَّرَ الْعِشَاءَ، وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ فِي الثُّلُثَيْنِ الْآخَرَيْنِ خُيِّرَ فِي الْعِشَاءِ. وَإِنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ، وَهُوَ سَائِرٌ وَنَوَى النُّزُولَ فِي الثُّلُثِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَخَّرَهُمَا. وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْفَجْرِ جَمَعَهُمَا فِي وَقْتَيْهِمَا مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِامْتِدَادِ مُخْتَارِ الْمَغْرِبِ إلَى غُرُوبِ الشَّفَقِ، وَلَهُ قُوَّةٌ خُصُوصًا فِي السَّفَرِ أَوَّلِيًّا كَذَلِكَ، فَلَا يَجْمَعُهُمَا بَلْ يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ فِي مُخْتَارِهَا؛ لِأَنَّ وَقْتَهُمَا لَيْسَ وَقْتَ رَحِيلٍ، فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحِيهَا فِيمَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ نَازِلًا. وَأَمَّا مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ سَائِرًا فَهُمَا كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ بِاتِّفَاقٍ. وَالرَّاجِحُ التَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ. وَلَفْظُهَا وَلَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فِي الْجَمْعِ عِنْدَ الِارْتِحَالِ كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ الْحُكْمُ مُسَاوٍ فَقِيلَ إنَّ كَلَامَ سَحْنُونٍ تَفْسِيرٌ. وَقِيلَ خِلَافٌ. اهـ. وَعَزَا ابْنُ بَشِيرٍ الْأَوَّلَ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالثَّانِيَ لِلْبَاجِيِّ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ هَارُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>