إنْ حَقَّقَ،
ــ
[منح الجليل]
مَا ادَّعَاهُ (بِهِ) أَيْ نُكُولَ الْمَطْلُوبِ (بِيَمِينٍ) مِنْ الطَّالِبِ (إنْ حَقَّقَ) الْمُدَّعِي مَا ادَّعَاهُ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُحَقِّقْ الطَّالِبُ دَعْوَاهُ وَاتَّهَمَ الْمَطْلُوبَ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَا ادَّعَاهُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِ الْمَطْلُوبِ عَلَى الْمَشْهُورِ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ زَرْقُونٍ اُخْتُلِفَ فِي تَوَجُّهِ يَمِينِ التُّهْمَةِ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ وَالسَّرِقَةِ أَنَّهَا تَتَوَجَّهُ، وَقَالَهُ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَتَوَجَّهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَنْقَلِبُ، وَفِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ السَّرِقَةِ أَنَّهَا تَنْقَلِبُ.
الْبَاجِيَّ إنْ ادَّعَى الْمُودَعُ تَلَفَ الْوَدِيعَةِ وَالْمُودِعُ تَعَدِّيَهُ عَلَيْهَا صُدِّقَ الْمُودَعُ، إلَّا أَنْ يُتَّهَمَ فَيَحْلِفَ قَالَهُ أَصْحَابُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ هُنَا أَفَادَهُ الْحَطّ. طفى قَوْلُهُ بِيَمِينٍ إنْ حَقَّقَ تَفْرِيعٌ عَلَى تَوَجُّهِ يَمِينِ التُّهْمَةِ، وَقَوْلُهُ فِي الْقَضَاءِ فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ إلَخْ، يَقْتَضِي عَدَمَ سَمَاعِ دَعْوَى التُّهْمَةِ فَضْلًا عَنْ عَدَمِ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ فِيهَا، وَفِيهِ خِلَافٌ، فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْقَوْلَانِ التَّوَجُّهُ وَعَدَمُهُ. ابْنُ فَرْحُونٍ الْمُتَيْطِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الدَّعْوَى إذَا لَمْ تُحَقَّقْ، فَظَاهِرُ مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَجِبُ إلَّا بِتَحْقِيقِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ قَالَ إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الصَّدَاقِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنْ كَانَ الْبِنَاءُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ أَوْ وَرَثَتِهِ، غَيْرَ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَجِبُ عَلَى وَرَثَتِهِ إلَّا أَنْ تَدَّعِيَ الْمَرْأَةُ أَوْ وَرَثَتُهَا عَلَيْهِمْ الْعِلْمَ بِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ شَيْئًا فَيَجِبُ الْيَمِينُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَمِينَ عَلَى غَائِبٍ وَلَا عَلَى مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُوجِبْ عَلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ الْيَمِينَ حَتَّى يَدَّعِيَ عَلَيْهِمْ وَرَثَةُ الزَّوْجَةِ الْعِلْمَ، وَكَذَا مَذْهَبُهُ فِي كِتَابِ التَّدْلِيسِ فِي الدَّابَّةِ إذَا رُدَّتْ بِعَيْبٍ فَطَلَبَ الْبَائِعُ يَمِينَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا اسْتَخْدَمَهَا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِالْعَيْبِ، فَقَالَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا بِتَحْقِيقِ الدَّعْوَى أَوْ يَدَّعِي أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مُخْبِرٌ. ابْنُ أَبِي زَيْدٍ مُخْبِرُ صِدْقٍ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إسْقَاطِ الْيَمِينِ.
وَأَمَّا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ بِغَيْرِ تَحْقِيقِ الدَّعْوَى فَمَا وَقَعَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ إذَا قَبِلَ الدَّرَاهِمَ وَلَمْ يَعْرِفْهَا، وَكَذَا مَسْأَلَةُ كِتَابِ الشُّفْعَةِ فِي الْمَوْهُوبِ لَهُ الشِّقْصُ أَوْ الْمُتَصَدَّقِ بِهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَحْلِفُ أَنَّك مَا بِعْته مِنْهُ أَوْ مَا عَوَّضْته سِرًّا وَأَرَدْتُمَا قَطْعَ الشُّفْعَةِ بِمَا أَظْهَرْتُمَا، فَقَالَ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُتَّهَمُ حَلَّفَهُ وَإِلَّا فَلَا يُحَلِّفُهُ، فَأَوْجَبَ الْيَمِينَ مَعَ عَدَمِ تَحْقِيقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute