إلَّا بِإِسْكَانٍ وَنَحْوِهِ؛ كَشَرِيكٍ أَجْنَبِيٍّ حَازَ فِيهَا إنْ هَدَمَ وَبَنَى
ــ
[منح الجليل]
الْعَاشِرُ الْحَطّ لَا تَسْقُطُ الْحِيَازَةُ وَلَوْ طَالَتْ الدَّعْوَى فِي الْحَبْسِ، بِهَذَا أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ فِي جَوَابِ الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ مَسَائِلِ الْوَقْفِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ تَتَضَمَّنُ السُّؤَالَ عَنْ جَمَاعَةٍ وَاضِعِينَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ وَمُوَرِّثِهِمْ وَمُوَرِّثِ مُوَرِّثِهِمْ نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ عَامًا يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالتَّعْوِيضِ وَالْقِسْمَةِ، وَكَثِيرٍ مِنْ وُجُوهِ التَّفْوِيتِ، فَادَّعَى عَلَيْهِمْ بِوَقْفِيَّتِهَا شَخْصٌ حَاضِرٌ عَالِمٌ بِالتَّفْوِيتِ الْمَذْكُورِ وَالتَّصَرُّفِ هُوَ وَمُوَرِّثُهُ مِنْ قَبْلِهِ، وَنَصُّهُ وَلَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْحَبْسِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ التَّحْبِيسُ وَمِلْكُ الْمُحْبِسِ لِمَا حَبَسَهُ يَوْمَ تَحْبِيسِهِ، وَبَعْدَ أَنْ تَتَعَيَّنَ الْأَمْلَاكُ الْمُحْبَسَةُ بِالْحِيَازَةِ لَهَا عَلَى مَا تَصِحُّ الْحِيَازَةُ فِيهِ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى وَجْهِهِ وَأَعْذَرَ إلَى الْقَوْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حُجَّةٌ إلَّا تَرْكَ الْقَائِمِ وَأَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ الْقِيَامَ عَلَيْهِمْ، وَطُولَ سُكُوتِهِمَا عَنْ طَلَبِ حَقِّهِمَا بِتَفْوِيتِ الْأَمْلَاكِ، فَالْقَضَاءُ بِالْحَبْسِ وَاجِبٌ وَالْحُكْمُ بِهِ لَازِمٌ. اهـ. وَأَفْتَى بِهِ أَيْضًا فِي جَوَابِ الْمَسْأَلَةِ السَّادِسَةِ مِنْ مَسَائِلِ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَاتِ فَانْظُرْهَا، وَالْجَوَابُ فِي الْحَطّ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَا بَيِّنَتُهُ فَقَالَ (إلَّا) بِبَيِّنَتِهِ الشَّاهِدَةِ لَهُ (بِإِسْكَانٍ) مِنْ الْمُدَّعِي لِلْحَائِزِ فِي الْعَقَارِ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِلَا أُجْرَةٍ (وَنَحْوِهِ) أَيْ الْإِسْكَانِ كَإِعْمَارٍ وَمُسَاقَاةٍ وَمُزَارَعَةٍ. ابْنُ رُشْدٍ الْحِيَازَةُ لَا يَنْتَفِعُ الْحَائِزُ بِهَا إلَّا أَنْ يَجْهَلَ أَصْلَ دُخُولِهِ فِيهَا، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّ أَصْلَ دُخُولِهِ فِيهَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ مَا مِنْ غَصْبٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ إسْكَانٍ أَوْ إرْفَاقٍ فَلَا يَنْتَفِعُ بِطُولِ حِيَازَتِهِ لَهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ زَمَنُ ذَلِكَ جِدًّا، وَلَمْ يَحُدَّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ حَدًّا إلَّا أَنَّهُ قَالَ قَدْرَ مَا يُخْشَى أَنْ يَكُونَ مَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ الْحَقَّ هَلَكَ أَوْ نَسِيَ لِطُولِ زَمَانِهِ، فَيَحْلِفَ مَعَ بَيِّنَتِهِ، وَيَقْضِي لَهُ إنْ ادَّعَى الْحَائِزُ أَنَّ الْمَالِكَ بَاعَهُ مَثَلًا. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَدَّعِ نَقْلَ الْمِلْكِ وَإِنَّمَا تَمَسَّك بِمُجَرَّدِ الْحِيَازَةِ فَلَا يَحْلِفُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ فَقَالَ (كَشَرِيكٍ) لِلْمُدَّعِي (أَجْنَبِيٍّ) مِنْهُ (حَازَ) الْعَقَارَ عَنْ شَرِيكِهِ (فِيهَا) أَيْ الْعَشْرِ سِنِينَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي بَعْدَهَا وَلَا بَيِّنَتُهُ (إنْ هَدَمَ) الْحَائِزُ الْعَقَارَ الَّذِي لَمْ يَخْشَ سُقُوطَهُ (وَبَنَى) الْعَقَارَ، فَإِنْ هَدَمَ مَا خَشِيَ سُقُوطَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute