كَعَفْوِهِ عَنْ الْعَبْدِ
ــ
[منح الجليل]
لَكِنْ إنَّمَا يَتِمُّ هَذَا الِاعْتِذَارُ لتت إذَا سَلَّمَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ الَّذِي أَتَى بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ هُوَ نَفْسُ لَفْظِ الْإِمَامِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْلِمٍ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُرَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَظْهَرُ بِأَمَارَةٍ قَوِيَّةٍ، لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ لَا شَيْءَ لَك إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّك أَرَدْتهَا فَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ كَلَامَ مَالِكٍ بِالْمَعْنَى، فَلَمْ يَتِمَّ اعْتِذَارُ تت. قَالَ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِقَوْلِهِ فِي الْحَضْرَةِ إنَّمَا عَفَوْت عَلَى الدِّيَةِ وَلَوْ سَكَتَ وَطَالَ ثُمَّ قَالَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ. طفي نَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَزَادَ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ، وَأَصْلُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَحَيْثُ كَانَ لِلْوَلِيِّ الْقِيَامُ بِشَرْطِهِ الْمُتَقَدِّمِ فَزَادَ ابْنُ حَبِيبٍ شَرْطًا آخَرَ، وَهُوَ قُرْبُ الزَّمَانِ فَأَمَّا إنْ قَامَ بَعْدَ طُولٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ رَوَاهُ مُطَرِّفٌ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ اهـ.
وَفِي جَعْلِ مَا ذَكَرَهُ قَيْدًا لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " هَذَا مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ، خِلَافٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مَنْ قَالَ إنَّمَا عَفَوْت عَلَى الدِّيَةِ، فَرَوَى مُطَرِّفٌ إنْ كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ طَالَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ، قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ قَالَ مَا عَفَوْت إلَّا عَلَى أَخْذِ الدِّيَةِ حَلَفَ مَا أَرَادَ تَرْكَهَا وَأَخَذَ حَقَّهُ مِنْهَا ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَقَالَ لَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ لِمَا قَالَهُ وَجْهٌ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي بَعْضِ مَجَالِسِهِ لَيْسَ عَفْوٌ عَنْ الدَّمِ عَفْوًا عَنْ الدِّيَةِ إلَّا أَنْ يُرَى لَهُ وَجْهٌ. اهـ. لَا يُقَالُ قَيْدُ الْحُضُورِ يُحْرِزُهُ قَيْدُ الظُّهُورِ، إذْ قَدْ تَظْهَرُ إرَادَتُهَا حِينَ الْعَفْوِ، ثُمَّ يَتَغَافَلُ عَنْ ذَلِكَ زَمَانًا طَوِيلًا إنْ ظَهَرَ عُذْرُ التَّرَاخِي.
وَشَبَّهَ فِي أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْوَلِيِّ الْمُطْلِقِ فِي عَفْوِهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ إرَادَتُهَا فَقَالَ (كَعَفْوِهِ) أَيْ الْوَلِيِّ (عَنْ الْعَبْدِ) الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ عَبْدًا أَوْ حُرًّا عَفْوًا مُطْلَقًا، وَقَالَ إنَّمَا عَفَوْت عَنْهُ لِأَخْذِهِ أَوْ أَخْذِ قِيمَتِهِ أَوْ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ أَوْ دِيَةِ الْحُرِّ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ إرَادَةُ ذَلِكَ، فَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ، وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ
(وَ) إنْ قَتَلَ شَخْصٌ شَخْصًا عَمْدًا عُدْوَانًا وَقَتَلَ الْقَاتِلَ شَخْصٌ غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ عَمْدًا عُدْوَانًا أَيْضًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute