وَالْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ مِنْ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ وَمُؤَمَّنٍ:
ــ
[منح الجليل]
ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي سَمَاعِ عِيسَى فِي نَصْرَانِيٍّ حُرٍّ قَتَلَ عَبْدًا مُسْلِمًا قَالَ أَرَى أَنْ يُقْتَلَ بِهِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَهُوَ كَسِلْعَةٍ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ أَرَى أَنْ يُقْتَلَ بِهِ مَعْنَاهُ إنْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يَسْتَقِيدَ مِنْ الْكِتَابِيِّ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ عَبْدِهِ وَلَا يَقْتُلَهُ بِهِ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ إذَا أَرَادَ قَتْلَهُ بِهِ فَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ اتِّبَاعِ مَا فِي الْقُرْآنِ، وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ لَهُ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، ثُمَّ اسْتَظْهَرَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ يُقْتَلُ الْحُرُّ الذِّمِّيُّ بِالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَالْقِيمَةُ هُنَا كَالدِّيَةِ وَنَصُّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالْقِيمَةُ هُنَا كَالدِّيَةِ إلَى أَنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُلْزِمَ الذِّمِّيَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ لَجَرَى عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي الدِّيَةِ، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إلَّا قَتْلُ الذِّمِّيِّ أَوْ الْعَفْوُ عَنْهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ قِيمَتَهُ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَهُ إلْزَامُهُ قِيمَتَهُ. وَتَبِعَ فِيهِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَالظَّاهِرُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ إذَا جَرَحَ عَبْدٌ عَبْدًا، أَوْ قَتَلَهُ فَسَيِّدُ الْمَجْرُوحِ أَوْ الْمَقْتُولِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَسْتَقِيدَ أَوْ يَأْخُذَ الْأَرْشَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ قَالَ الذِّمِّيَّ بَدَلَ الْكِتَابِيِّ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ جَعَلَ الْحُرَّ الْكِتَابِيَّ أَدْنَى مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالْحُرِّ الْكِتَابِيِّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَحَكَى فِي الْبَيَانِ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ. ابْنُ الْحَاجِبِ يُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ فِي فَكِّهِ بِالدِّيَةِ وَإِسْلَامِهِ فَيُبَاعُ لِأَوْلِيَاءِ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ. الْمُوَضِّحُ يَعْنِي بِدِيَةِ الْحُرِّ الذِّمِّيِّ، وَيُبَاعُ لِأَوْلِيَاءِ الذِّمِّيِّ لِعَدَمِ جَوَازِ مِلْكِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا بِيعَ يَدْفَعُ جَمِيعَ ثَمَنِهِ لِأَوْلِيَاءِ الذِّمِّيِّ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ دِيَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ فَضَلَ عَنْ دِيَتِهِ فَضْلٌ فَلِسَيِّدِهِ أَصْبَغَ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ اهـ ضَيْح
(وَ) يُقْتَلُ (الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ مِنْ كِتَابِيٍّ) يَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ (وَمَجُوسِيٍّ وَمُؤَمَّنٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمِيمِ مُثَقَّلًا مِنْ أَحَدِ الْمُسْلِمِينَ فَيُقْتَلُ الْيَهُودِيُّ بِالنَّصْرَانِيِّ وَبِالْمَجُوسِيِّ وَعَكْسُهُ وَالْمُؤَمَّنُ بِالذِّمِّيِّ وَعَكْسُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ قَتْلُ الْيَهُودِيِّ بِالْمَجُوسِيِّ، وَنَقْصُ الدِّيَةِ لَغْوٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute