خُيِّرَ الْوَلِيُّ، فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ: فَلِسَيِّدِهِ، إسْلَامُهُ، أَوْ فِدَاؤُهُ
إنْ قَصَدَ ضَرْبًا؛
ــ
[منح الجليل]
وَحَلَفَ أَوْلِيَاؤُهُ خَمْسِينَ يَمِينًا عَلَى أَنَّهُ قَتَلَهُ (خُيِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (الْوَلِيُّ) لِلْمَقْتُولِ الْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ أَوَّلًا بَيْنَ قَتْلِ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ وَاسْتِحْيَائِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُفُؤًا لِلْحُرِّ.
(فَإِنْ) قَتَلَهُ فَوَاضِحٌ وَإِنْ (اسْتَحْيَاهُ) أَيْ الْوَلِيُّ الْعَبْدَ (فَلِسَيِّدِهِ) أَيْ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ الْخِيَارُ ثَانِيًا بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ (إسْلَامِهِ) أَيْ دَفْعِ الْعَبْدِ الْجَانِي لِلْوَلِيِّ فِي جِنَايَتِهِ بِمَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ (أَوْ فِدَاؤُهُ) أَيْ الْعَبْدِ الْجَانِي بِدِيَةِ الْحُرِّ أَوْ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ. طفي تَعْيِينُ الْمُصَنِّفِ الْبَيِّنَةَ أَوْ الْقَسَامَةَ احْتِرَازًا مِنْ إقْرَارِ الْعَبْدِ بِالْقَتْلِ، فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ فِيهِ إلَّا الْقَتْلُ أَوْ الْعَفْوُ، وَلَيْسَ لَهُ اسْتِحْيَاؤُهُ لِأَخْذِهِ أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَقَرَّ عَبْدٌ أَنَّهُ قَتَلَ حُرًّا عَمْدًا فَلِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ، فَإِنْ عَفَا عَلَى أَنْ يَسْتَحْيِيَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَلَهُ مُعَاوَدَةُ الْقَتْلِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُظَنُّ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ. أَبُو عِمْرَانَ وَأَمَّا إنْ كَانَ عَالِمًا أَنَّهُ إنْ عَفَا عَنْ الْعَبْدِ يَبْطُلُ الدَّمُ فَلَا قَتْلَ لَهُ. وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَا أَقَرَّ بِهِ الْعَبْدُ مِمَّا يَلْزَمُهُ فِي جَسَدِهِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ يَقْبَلُ إقْرَارَهُ، وَفِي الرِّسَالَةِ إقْرَارُ الْعَبْدِ فِيمَا يَلْزَمُهُ فِي بَدَنِهِ مِنْ حَدٍّ أَوْ قَطْعٍ يَلْزَمُهُ وَمَا كَانَ فِي رَقَبَتِهِ فَلَا إقْرَارَ لَهُ، أَرَادَ إلَّا الْمَأْذُونَ لَهُ، فَإِنَّ إقْرَارَهُ فِي مَالِهِ لَازِمٌ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهِيَ الْجِنَايَةُ فَقَالَ (إنْ قَصَدَ) الْمُكَلَّفُ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ الَّذِي لَمْ يَزِدْ بِحُرِّيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ (ضَرْبًا) لِلْمَقْتُولِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لَهُ ضَرْبُهُ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ، أَمَّا إنْ قَصَدَ ضَرْبَ مَنْ يَجُوزُ لَهُ ضَرْبُهُ كَحَرْبِيٍّ فَتَبَيَّنَ مُسْلِمًا فَهُوَ الْخَطَأُ فِيهِ الدِّيَةُ، وَقَدْ قَتَلَ الصَّحَابَةُ مُسْلِمًا يَظُنُّونَهُ حَرْبِيًّا فَوَدَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُهَدِّدْهُمْ، وَإِنْ قَصَدَهُ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَقِيلَ إنَّهُ خَطَأٌ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقِيلَ عَمْدٌ يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَثَالِثُهَا إنْ تَلَاعَبَا فَخَطَأٌ وَإِنْ لَمْ يُلَاعِبْهُ فِيهِ الْقَوَدُ، وَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ زَيْدٌ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ عَمْرُو بْنُ فُلَانٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَمْرُو بْنُ آخَرَ لِقَتْلِهِمْ قَاتِلَ خَارِجَةَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا لِقَوْلِهِ أَرَدْت عَمْرًا وَأَرَادَ اللَّهُ خَارِجَةَ اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute