وَكَحَفْرِ بِئْرٍ، وَإِنْ بِبَيْتِهِ
ــ
[منح الجليل]
طفي لَا إجْمَالَ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ عَيَّنَ فِيمَا يَأْتِي مَوَاضِعَ التَّغْلِيظِ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْهَا، فَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهَا دِيَةٌ خَطَأً مُخَمَّسَةً وَكَلَامُهُ يُبَيِّنُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَنَصَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّظَةَ هِيَ الَّتِي تَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي، وَمَا عَدَاهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَكَلَامُهُ مُحَرَّرٌ لِمَنْ أَحَاطَ بِأَطْرَافِهِ قَوْلُهُ إنْ كَانَ أَيْ اللَّعِبُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ. اهـ. أَقُولُ الْإِخْفَاءُ فِي إجْمَالِ كَلَامِهِ هُنَا خُصُوصًا، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْخِلَافُ. الْبُنَانِيُّ يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ فَلَا قِصَاصَ أَلْقَاهُ لَعِبًا وَعَدَاوَةً، وَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ فَالْقِصَاصُ مُطْلَقًا وَإِذَا جَهِلَ فَفِي الْعَدَاوَةِ الْقِصَاصُ، وَفِي اللَّعِبِ لَا قِصَاصَ فَالدِّيَةَ فَقَوْلُهُ غَيْرِ مُحْسِنٍ الْعَوْمَ، أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَالْمُلْقَى جَاهِلٌ زَادَ بَعْضُهُمْ مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ، لَكِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَنْجُو لِشِدَّةِ بَرْدٍ أَوْ طُولِ مَسَافَةٍ
وَشَبَّهَ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ بِلَا قَسَامَةٍ فَقَالَهُ (كَحَفْرِ بِئْرٍ) لِقَصْدِ إهْلَاكِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ سَارِقًا فَهَلَكَ فِيهَا، فَعَلَى حَافِرِهَا الْقِصَاصُ لِتَسَبُّبِهِ فِي إهْلَاكِهِ إنْ حَفَرَهَا فِي الطَّرِيقِ، بَلْ (وَإِنْ) حَفَرَهَا (بِبَيْتِهِ) الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ حَفَرَ بِئْرًا لِلِّصِّ لِيَهْلَكَ فِيهَا فَهَلَكَ فِيهَا، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إهْلَاكَ مُعَيَّنٍ فَلَا يُقْتَلُ وَتَلْزَمُهُ الدِّيَةُ، وَإِنْ هَلَكَ فِيهَا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَفِي الْحُرِّ دِيَتُهُ وَفِي الْعَبْدِ قِيمَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرَ أَحَدٍ وَحَفَرَهَا فِي مِلْكِهِ لِحَاجَتِهِ فَهَلَكَ فِيهَا إنْسَانٌ أَوْ حَيَوَانٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ الْبِئْرِ الْمِطْمَرُ.
أَصْبَغُ سَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ لَهُ زَرْعٌ تَدْخُلُهُ دَوَابُّ النَّاسِ فَتُفْسِدُهُ فَحَفَرَ حَفِيرًا حَوْلَهُ لِمَنْعِ الدَّوَابِّ وَأَنْذَرَ أَصْحَابَهَا فَوَقَعَ فِيهِ بَعْضُ الدَّوَابِّ فَهَلَكَ أَتَرَى عَلَيْهِ ضَمَانُهُ، فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَوْ لَمْ يُنْذِرْهُمْ، وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ مِنْ الْحَفْرِ فِي أَرْضِهِ وَحَقِّهِ تَحْصِينًا لِزَرْعِهِ لَا لِإِتْلَافِ دَوَابِّ النَّاسِ، وَلَوْ فَعَلَهُ لِإِتْلَافِ دَوَابِّهِمْ لَلَزِمَهُ الضَّمَانُ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي يَصْنَعُ فِي دَارِهِ شَيْئًا لِإِتْلَافِ السَّارِقِ، فَيَتْلَفُ السَّارِقُ أَوْ غَيْرُهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ اهـ.
ابْنُ يُونُسَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ جَعَلَ فِي حَائِطِهِ حَفِيرًا لِلسِّبَاعِ أَوْ حِبَالَةً فَلَا يَضْمَنُ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute