وَمَشْيٌ، وَتَهْجِيرٌ، وَإِقَامَةُ أَهْلِ السُّوقِ مُطْلَقًا بِوَقْتِهَا، وَسَلَامُ خَطِيبٍ لِخُرُوجِهِ
ــ
[منح الجليل]
(وَ) نُدِبَ (مَشْيٌ) عَلَى قَدَمَيْهِ فِي ذَهَابِهِ فَقَطْ تَوَاضُعًا لِسَيِّدِهِ الَّذِي هُوَ ذَاهِبٌ لِعِبَادَتِهِ وَاغْتِنَامًا لِتَحْرِيمِهِ عَلَى النَّارِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» ، أَيْ طَاعَةُ اللَّهِ. وَشَأْنُ الْمَاشِي الِاغْبِرَارُ، وَإِنْ اتَّفَقَ عَدَمُهُ فِي قَرِيبِ الْمَنْزِلِ وَاغْبِرَارُ قَدِمَ الرَّاكِبِ نَادِرٌ فَالِاغْبِرَارُ لَازِمٌ لِلْمَشْيِ عَادَةً، فَأُطْلِقَ اسْمُ اللَّازِمِ وَأُرِيدَ مَلْزُومُهُ، وَهُوَ الْمَشْيُ عَلَى طَرِيقِ الْكِنَايَةِ. وَأَمَّا فِي رُجُوعِهِ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ الْمَشْيُ لِانْقِضَاءِ الْعِبَادَةِ.
(وَ) نُدِبَ (تَهْجِيرٌ) أَيْ ذَهَابٌ لَهَا فِي الْهَاجِرَةِ أَيْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَيُكْرَهُ التَّبْكِيرُ خَشْيَةَ الرِّيَاءِ وَلِمُخَالَفَةِ عَمَلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَذَلِكَ فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ الَّتِي يَلِيهَا الزَّوَالُ، وَهِيَ الْمُقَسَّمَةُ فِي الْحَدِيثِ إلَى السَّاعَاتِ أَيْ الْأَجْزَاءِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» هَذَا الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَاجِيَّ وَشَهَّرَهُ الرَّجْرَاجِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ التَّقْسِيمُ السَّاعَةُ السَّابِعَةُ الَّتِي تَلِي الزَّوَالَ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَخْرُجُ لِلْخُطْبَةِ فِي أَوَّلِهَا وَتَحْضُرُ الْمَلَائِكَةُ لِاسْتِمَاعِهَا.
(وَ) نُدِبَ لِلْإِمَامِ (إقَامَةُ أَهْلِ السُّوقِ) أَيْ أَمْرُهُمْ بِالْقِيَامِ مِنْهَا وَتَرْكِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِمَنْ تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ وَصِلَةُ إقَامَةُ (بِوَقْتِ) خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَصَلَاتِ (هَا) مِنْ جُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى سَلَامِهِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَأُقِيمَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ بَالُ مَنْ تَلْزَمُهُ لِاخْتِصَاصِهِ بِالرِّبْحِ فَيَضُرُّ مَنْ تَلْزَمُهُ. وَلِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً لِاشْتِغَالِ مَنْ تَلْزَمُهُ عَنْهَا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَعَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ فَإِقَامَتُهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ.
(وَ) نُدِبَ (سَلَامُ خَطِيبٍ) عَلَى الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ فِي الْمَسْجِدِ (لِخُرُوجِهِ) عَلَى النَّاسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute