أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ عَمْدًا:
ــ
[منح الجليل]
الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَتْلِ وَإِنَّهُ فِيهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالشَّاهِدَيْنِ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِهِ تَقْلِيدًا لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَلِأَجْلِ مَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ جَعَلَ تت الشَّرْطَ رَاجِعًا لِهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَلَمْ يَدْرِ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
وَأَمَّا نُسْخَةُ الْبِسَاطِيِّ إنْ ثَبَتَ اللَّوْثُ فَهِيَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ، إذْ بِهَا يَسْلَمُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّعَقُّبِ وَهِيَ إشَارَةٌ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ لَا بُدَّ فِي الْمَشْهُورِ أَنْ يَحْلِفُوا يَمِينًا وَاحِدَةً لِيَثْبُتَ الضَّرْبُ وَيُقْسِمُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا لَكِنْ هَلْ تُفْرَدُ الْيَمِينُ أَوْ لَا أَوْ تُجْمَعُ مَعَ كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ تَجْرِي عَلَى الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، هَلْ يُجْمَعُ بَيْنَ تَصْحِيحِ شَهَادَةِ الشُّهَّادِ وَفَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ يَمِينًا مُسْتَقِلَّةً. اهـ. وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَثَرِهِ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ نَصِّهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ مِنْهُ فِي كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ. اهـ. وَلَمَّا خَفِيَ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي فَسَّرْنَا بِهِ اللَّوْثَ عَلَى تت قَالَ هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْقَسَامَةِ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ مَسَائِلَ الْقَسَامَةِ هِيَ اللَّوْثُ فَيَلْزَمُ شَرْطُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ
(أَوْ) شَهَادَةُ شَاهِدٍ وَاحِدٍ (بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ) بِأَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ (عَمْدًا) لِأَنَّ الدَّمَ يُعْمَلُ فِيهِ بِاللَّوْثِ وَالْعَمْدُ لَوْثٌ مَحْضٌ، بِخِلَافِ الْخَطَأِ فَإِنَّهُ جَارٍ مَجْرَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِالدِّيَةِ، وَلَا يُنْقَلُ عَنْ الشَّاهِدِ إلَّا اثْنَانِ قَالَهُ أَشْهَبُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَفَادَهُ تت. الْخَرَشِيُّ أَيْ وَكَذَلِكَ تَكُونُ شَهَادَةُ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ أَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ عَمْدًا لَوْثًا بَعْدَ حَلِفِ الْوُلَاةِ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ، وَيَفْتَرِقُ هَذَا الْمِثَالُ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ بِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي هَذَا بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِجَرَحَنِي فُلَانٌ خَطَأً، وَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ فِي الْخَطَأِ، ثُمَّ قَالَ وَالْفَرْقُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَطَأِ جَارٍ مَجْرَى الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالشَّاهِدُ لَا يَنْقُلُ عَنْهُ إلَّا اثْنَانِ، بِخِلَافِ الْعَمْدِ، فَإِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ إنَّمَا طَلَبَ حَقًّا لِنَفْسِهِ وَهُوَ الْقِصَاصُ.
وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى قَوْلِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ فَنَصُّ الرِّوَايَةِ فِيهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute