عَنْ قَتْلَى، وَلَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ؛ فَهَلْ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ مُطْلَقًا؟ أَوْ إنْ تَجَرَّدَ عَنْ تَدْمِيَةٍ وَشَاهِدٍ؟ أَوْ عَنْ الشَّاهِدِ فَقَطْ؟ تَأْوِيلَاتٌ.
ــ
[منح الجليل]
عَنْ قَتْلَى) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ التَّاءِ، جَمْعُ قَتِيلٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا (وَلَمْ يُعْلَمْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ اللَّامِ (الْقَاتِلُ) مِنْ الْفَرِيقَيْنِ (فَهَلْ لَا قَسَامَةَ) فِيهِمْ (وَلَا قَوَدَ) أَيْ قِصَاصَ وَفِيهِمْ الدِّيَةُ عَلَى الْفِئَةِ الْمُنَازِعَةِ وَإِنْ كَانُوا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ فَدِيَتُهُمْ عَلَيْهِمَا، هَذَا هُوَ الَّذِي حَمَلَ عَلَيْهِ عِيَاضٌ وَالْأَبِيُّ قَوْلَهَا لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ، وَهَذَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَبْقَاهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِعَدَمِ قَوْلِ الْقَتْلَى دَمُنَا عِنْدَ فُلَانٍ، وَعَدَمُ قِيَامِ شَاهِدٍ بِالْقَتْلِ عَلَى مُعَيَّنٍ.
(أَوْ) لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ (إنْ تَجَرَّدَ) الْقَتْلُ (عَنْ تَدْمِيَةٍ) مِنْ الْقَتْلَى، أَيْ قَوْلِهِمْ دَمُنَا عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ قَتَلَنَا فُلَانٌ (وَ) تَجَرَّدَ أَيْضًا (عَنْ شَاهِدٍ) عَلَى مُعَيَّنٍ بِالْقَتْلِ، فَإِنْ وُجِدَتْ تَدْمِيَةٌ أَوْ شَاهِدٌ بِالْقَتْلِ فَالْقَسَامَةُ وَالْقِصَاصُ، وَبِهَذَا فَسَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَقَيَّدَ فِي الْبَيَانِ الشَّاهِدَ بِكَوْنِهِ مِنْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْهُمَا فَلَوْثٌ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ، وَالْخِلَافُ مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِاتِّحَادِ الشَّاهِدِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ شَهِدَ عَدْلَانِ فَالْقَوَدُ بِلَا خِلَافٍ.
(أَوْ) لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ إنْ تَجَرَّدَ الْقَتْلُ (عَنْ الشَّاهِدِ فَقَطْ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ تَجَرُّدُهُ عَنْ التَّدْمِيَةِ فَيُهْدَرُ دَمُهُ، لَوْ قَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ لِأَنَّهُ كَانَ عَازِمًا عَلَى قَتْلِهِ فَلَا يُسْتَنْكَرُ كَذِبُهُ عَلَيْهِ لِيُقْتَلَ بَعْدَهُ، وَتَأَوَّلَهَا بَعْضُهُمْ بِهَذَا فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَاتٌ) وَمَفْهُومُ وَلَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَصَدَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِمَا فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ أَنَّ الْعَقْلَ عَلَى كُلِّ فِرْقَةٍ لِقَتْلَى الْأُخْرَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمَا فَعَقْلُهُ عَلَيْهِمَا فِي أَمْوَالِهِمَا. الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ قَتْلَى كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْ مُقَابِلَتِهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَتْلَهُ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute