وَاسْتُعِينَ بِمَالِهِمْ عَلَيْهِمْ، إنْ اُحْتِيجَ لَهُ؛ ثُمَّ رُدَّ: كَغَيْرِهِ
وَإِنْ أُمِّنُوا: لَمْ يُتَّبَعْ مُنْهَزِمُهُمْ، وَلَمْ يُذَفَّفْ عَلَى جَرِيحِهِمْ
ــ
[منح الجليل]
الدُّعَاءِ، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ قِتَالِهِمْ مُدَّةً بِالْمَصْلَحَةِ إذَا كُفُوًا عَنْ الْقِتَالِ وَطَلَبُوا الْأَمَانَ، وَلَمْ يُخْشَ غَدَرُهُمْ. ابْنُ شَاسٍ إذَا سَأَلَ أَهْلُ الْبَغْيِ الْإِمَامَ الْعَدْلَ تَأْخِيرَهُمْ أَيَّامًا وَبَذَلُوا لَهُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْهُمْ، وَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُمْ إلَى الْمُدَّةِ الَّتِي سَأَلُوهَا.
(وَاسْتُعِينَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ (بِمَالِهِمْ) أَيْ خَيْلٍ وَسِلَاحِ الْبُغَاةِ (عَلَيْهِمْ) فِي قِتَالِهِمْ (إنْ اُحْتِيجَ لَهُ) أَيْ مَالِ الْبُغَاةِ فِي قِتَالِهِمْ (ثُمَّ رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ مَالُ الْبُغَاةِ (إلَيْهِمْ) بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ. ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمَا سِوَى الْكُرَاعَ وَالسِّلَاحَ يُوقَفُ حَتَّى يُرَدَّ إلَى أَهْلِهِ وَلَا يُسْتَعَانُ بِشَيْءٍ مِنْهُ هَكَذَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالْجَوَاهِرِ وَالشَّارِحِ، ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ وَاسْتُعِينَ بِمَالِهِمْ عَلَيْهِمْ، ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سِلَاحًا وَلَا كُرَاعًا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَقْلِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَنَسَبَهُ فِي الرَّدِّ إلَيْهِمْ فَقَالَ (كَغَيْرِهِ) أَيْ الْمُسْتَعَانِ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِهِمْ، فَإِنَّهُ يُرَدُّ إلَيْهِمْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ مَالٌ مُسْلِمٌ لَمْ يَزُلْ عَنْ مِلْكِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا ظَفِرَ بِمَالِهِمْ فَإِنَّهُ يُوقِفُهُ حَتَّى يَرُدَّهُ إلَيْهِمْ كَمَا قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ وَالْجَوَاهِرِ و " قِ " عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ.
(وَإِنْ أُمِّنُوا) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ، أَيْ الْبُغَاةُ (لَمْ يُتَّبَعْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ (مُنْهَزِمُهُمْ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ، فَإِنَّمَا يُقَاتَلُونَ مُقْبِلِينَ لَا مُدْبِرِينَ (وَلَمْ يُذَفَّفْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَوْ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْفَاءِ الْأُولَى مَفْتُوحَةً، أَيْ يُجْهَزْ (عَلَى جَرِيحِهِمْ) وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُمْ إنْ لَمْ يُؤَمِّنُوا يُتَّبَعْ مُنْهَزِمُهُمْ وَيُذَفَّفْ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَوَقَعَ الْأَمْرَانِ لِلْإِمَامِ عَلِيٍّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ هَؤُلَاءِ لَهُمْ فِئَةٌ يَنْحَازُونَ إلَيْهَا دُونَ الْأَوَّلِينَ. ابْنُ عَرَفَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ إنْ أُسِرَ مِنْ الْخَوَارِجِ أَسِيرٌ وَقَدْ انْقَطَعَتْ الْحَرْبُ فَلَا يُقْتَلْ، وَإِنْ كَانَتْ الْحَرْبُ قَائِمَةً فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ، وَلَوْ كَانُوا جَمَاعَةً إذَا خَافَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ ضَرَرٌ، وَعَلَى هَذَا يَجْرِي حُكْمُ التَّذْفِيفِ عَلَى الْجَرِيحِ وَاتِّبَاعِ الْمُنْهَزِمِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ.
ابْنُ حَبِيبٍ نَادَى مُنَادِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي بَعْضِ مَنْ حَارَبَهُ أَنْ لَا يُتَّبَعَ مُدْبِرٌ وَلَا يُجْهَزَ عَلَى جَرِيحٍ وَلَا يُقْتَلَ أَسِيرٌ ثُمَّ كَانَ مَوْطِنٌ آخَرُ فِي غَيْرِهِمْ فَأَمَرَ بِاتِّبَاعِ الْمُدْبَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute