للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ بِتَنَاسُخِ الْأَرْوَاحِ أَوْ فِي كُلِّ جِنْسٍ نَذِيرٌ أَوْ ادَّعَى شِرْكًا مَعَ نُبُوَّتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

ــ

[منح الجليل]

الْحُكْمَ بِكُفْرِهِ ظَاهِرًا إلَّا بَعْدَ التَّلَفُّظِ بِهِ، كَمَا أَنَّ اعْتِقَادَ الْكُفْرِ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ كُفْرٌ، وَلَكِنْ لَا يُحْكَمُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْكُفْرِ إلَّا بَعْدَ تَلَفُّظِهِ بِمَا يَقْتَضِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(أَوْ) كَقَوْلٍ (بِتَنَاسُخِ الْأَرْوَاحِ) الْحَطّ أَيْ انْتِقَالِهَا فِي الْأَشْخَاصِ الْآدَمِيِّينَ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَأَنَّ تَعْذِيبَهَا وَتَنْعِيمَهَا بِحَسَبِ زَكَائِهَا وَخُبْثِهَا، فَإِنْ كَانَتْ النَّفْسُ شِرِّيرَةً أُخْرِجَتْ مِنْ قَالِبِهَا الَّتِي هِيَ فِيهِ، وَأُلْبِسَتْ قَالِبًا يُنَاسِبُ شَرَّهَا مِنْ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنْ أَخَذَتْ جَزَاءَ شَرِّهَا بَقِيَتْ فِي ذَلِكَ الْقَالِبِ تَنْتَقِلُ مِنْ فَرْدٍ إلَى فَرْدٍ، وَإِنْ لَمْ تَأْخُذْهُ انْتَقَلَتْ إلَى قَالِبٍ أَشَرِّ مِنْهُ، وَهَكَذَا حَتَّى تَسْتَوْفِيَ جَزَاءَ الشَّرِّ، وَفِي الْخَيْرِ تَنْتَقِلُ إلَى أَعْلَى وَهَكَذَا حَتَّى تَسْتَوْفِيَ جَزَاءَ خَيْرِهَا، وَالْقَائِلُ بِهَذَا أَنْكَرَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَالنَّشْرَ وَالْحَشْرَ وَالصِّرَاطَ وَالْحِسَابَ، وَهَذَا تَكْذِيبٌ لِلْقُرْآنِ وَالرَّسُولِ وَالْإِجْمَاعِ. وَاخْتَارَ ابْنُ مَرْزُوقٍ قَتْلَهُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ.

(أَوْ) كُفْرٌ (بِقَوْلِهِ فِي كُلِّ جِنْسٍ) أَيْ نَوْعٍ مِنْ الْحَيَوَانِ (نَذِيرٌ) أَيْ رَسُولٌ يُنْذِرُهُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ اسْتِخْفَافٌ بِالرِّسَالَةِ وَلِاسْتِلْزَامِهِ تَكْلِيفَهَا وَهُوَ جَحْدٌ لِمَا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا مُكَلَّفَ إلَّا الْإِنْسَانَ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ. عِيَاضٌ وَيَكْفُرُ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْقُدَمَاءِ مِنْ أَنَّ فِي كُلِّ جِنْسٍ مِنْ الْحَيَوَانِ نَذِيرًا أَوْ نَبِيًّا حَتَّى مِنْ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ وَالدَّوَابِّ وَالدُّودِ، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ وَصْفَ الرُّسُلِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِصِفَاتِ الْبَهَائِمِ الذَّمِيمَةِ، وَهَذَا يُوجِبُ الْقَتْلَ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إلَّا أَنَّهُ تَقَرَّرَ أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ غَيْرُ الْبَيِّنِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ وقَوْله تَعَالَى {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: ٢٤] فَاطِرَ، فُسِّرَتْ الْأُمَّةُ فِيهِ بِالْجَمَاعَةِ مِنْ بَنِي آدَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(أَوْ) كُفْرٌ بِأَنْ (ادَّعَى شِرْكًا) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، أَيْ شَخْصًا مُشَارِكًا فِي النُّبُوَّةِ (مَعَ نُبُوَّتِهِ) أَيْ سَيِّدِنَا مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ (عَلَيْهِ) الصَّلَاةُ وَ (السَّلَامُ) لِمُخَالَفَتِهِ قَوْله تَعَالَى {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: ٤٠] الْأَحْزَابَ.

عِيَاضٌ يَكْفُرُ مَنْ ادَّعَى نُبُوَّةَ أَحَدٍ مَعَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بَعْدَهُ كَالْعِيسَوِيَّةِ وَالْحُرْمِيَّةِ وَأَكْثَرِ الرَّافِضَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>