وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَا جُوعٍ وَعَطَشٍ وَمُعَاقَبَةٍ
ــ
[منح الجليل]
يُقْطَعُ فِي مِثْلِهِ أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْ السَّرِقَةِ مَا هِيَ وَكَيْفَ هِيَ وَمِنْ أَيْنَ أَخَذَهَا وَإِلَى أَيْنَ ذَهَبَ بِهَا.
(وَاسْتُتِيبَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ الْأُولَى وَالْمُرْتَدُّ حُرًّا أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وُجُوبًا عَلَى الْمَشْهُورِ، أَيْ طُلِبَتْ مِنْهُ التَّوْبَةُ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) مُتَوَالِيَةٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخَّرَ قَوْمَ صَالِحٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ وَلَوْ فِي يَوْمٍ، وَلِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرَّةً، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ بِلَا تَأْخِيرٍ (بِلَا) مُعَاقَبَةٍ بِ (جُوعٍ وَ) لَا بِ (عَطَشٍ وَ) بِلَا (مُعَاقَبَةٍ) بِضَرْبٍ وَلَا غَيْرِهِ. ابْنُ شَاسٍ عَرْضُ التَّوْبَةِ عَلَى الْمُرْتَدِّ وَاجِبٌ وَالنَّصُّ إمْهَالُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا عَلِمْت فِي اسْتِتَابَتِهِ تَجْوِيعًا وَلَا تَعْطِيشًا وَلَا عُقُوبَةً لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَرَوَى ابْنُ الْقَصَّارِ يُسْتَتَابُ فِي الْحَالِ، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ يُقْتَلُ.
وَرَوَى أَشْهَبُ لَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ إنْ تَابَ وَلَيْسَ فِي اسْتِتَابَتِهِ تَخْوِيفٌ وَلَا تَعْطِيشٌ فِي قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَقَالَ أَصْبَغُ يُخَوَّفُ بِالْقَتْلِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَيُذَكَّرُ بِالْإِسْلَامِ وَالْعَبْدُ كَالْحُرِّ فِي ذَلِكَ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِي الْمُرْتَدِّ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ. فِي الْمُوَطَّإِ قَدِمَ رَجُلٌ عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ قِبَلِ أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَسَأَلَهُ عَنْ النَّاسِ فَأَخْبَرَهُ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَلْ كَانَ فِيكُمْ مِنْ مَعْرِفَةِ خَيْرٍ، فَقَالَ نَعَمْ كَفَرَ رَجُلٌ بَعْدَ إسْلَامِهِ، قَالَ فَمَا فَعَلْتُمْ بِهِ، قَالَ قَدَّمْنَاهُ فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ، قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَفَلَا حَبَسْتُمُوهُ ثَلَاثًا وَأَطْعَمْتُوهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ رَغِيفًا وَاسْتَتَبْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ وَيُرَاجِعُ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنِّي لَمْ أَحْضُرْ وَلَمْ آمُرْ وَلَمْ أَرْضَ إذَا بَلَغَنِي.
الْبَاجِيَّ احْتَجَّ أَصْحَابُنَا عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ بِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَنَّهُ لَا مُخَالِفَ لَهُ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ رُجُوعُ أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَنْ وَافَقَهُ إلَى قَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute