للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأَنْ تُرِكَ وَأُخِذَ مِنْهُ مَا جَنَى

ــ

[منح الجليل]

بِإِسْلَامِهِ وَلَا يَتْبَعُ أَبَاهُ فِي الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إلَيْهِ لِعَدَمِ إقْرَارِهِ عَلَيْهِ، وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ إنْ تَدَيَّنَ بِغَيْرِهِ. وَشَبَّهَ فِي الْحُكْمِ بِالْإِسْلَامِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ دَخَلَتْ عَلَيْهِ كَافُ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (تُرِكَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَلَدُ الْمُرْتَدِّ وَغُفِلَ عَنْ جَبْرِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى بَلَغَ وَأَظْهَرَ خِلَافَهُ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَأَوْلَى إذَا بَلَغَ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ خِلَافُهُ وَسَوَاءٌ وُلِدَ قَبْلَ ارْتِدَادِ أَبِيهِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، فَإِنْ أَظْهَرَ الْكُفْرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ وُلِدَ حَالَ رِدَّةِ أَبِيهِ إنْ أَدْرَكَ قَبْلَ بُلُوغِهِ جُبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ حَتَّى بَلَغَ تُرِكَ عَلَى كُفْرِهِ لِوِلَادَتِهِ عَلَيْهِ.

ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عَبْدَ الْمَلِكِ وَابْنَ الْقَاسِمِ صَغِيرُ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ إنْ كَانَ وُلِدَ قَبْلَ رِدَّتِهِ جُبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَضُيِّقَ عَلَيْهِ، وَلَا يُبْلَغُ بِهِ الْمَوْتُ. وَإِنْ كَانَ وَلَدُهُ بَعْدَ رِدَّتِهِ جُبِرُوا عَلَى الْإِسْلَامِ وَرُدُّوا إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكُوا حَتَّى بَلَغُوا تُرِكُوا وَأُقِرُّوا عَلَى دِينِهِمْ لِأَنَّهُمْ وُلِدُوا عَلَيْهِ وَلَيْسَ ارْتِدَادُ أَبِيهِمْ ارْتِدَادًا لَهُمْ، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ حَتَّى شَاخَ وَتَزَوَّجَ فَلَا يُسْتَتَابُ وَلَا يُقْتَلُ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ فِيمَنْ وَلَدُهُ بَعْدَ رِدَّتِهِ أَنَّهُمْ يُسْتَتَابُونَ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا مَا لَمْ يَشِيخُوا عَلَى الْكُفْرِ وَيَتَزَوَّجُوا عَلَيْهِ خِلَافَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

قُلْت هَذَا فِيمَنْ أَبُوهُ مُرْتَدٌّ، وَأَمَّا مَنْ ارْتَدَّ صَغِيرًا مُمَيَّزًا وَأَبُوهُ مُسْلِمٌ فَفِي الْجَنَائِزِ مِنْهَا مَنْ ارْتَدَّ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ فِي ابْنِ الْمُسْلِمِ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ ثُمَّ ارْتَدَّ وَقَدْ عَقَلَ الْإِسْلَامَ وَلَمْ يَحْتَلِمْ جُبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ بِالضَّرْبِ وَالْعَذَابِ، فَإِنْ احْتَلَمَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ قُتِلَ بِخِلَافِ مَنْ يُسْلِمُ ثُمَّ يَرْتَدُّ ثُمَّ يَحْتَلِمُ عَلَى ذَلِكَ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ، وَجَعَلَهُمْ أَشْهَبُ سَوَاءً، وَقَالَ مَنْ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ ثُمَّ ارْتَدَّ بَعْدَ أَنْ عَقَلَ وَقَارَبَ الْحُلُمَ ثُمَّ احْتَلَمَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُرَدُّ إلَى الْإِسْلَامِ بِالسَّوْطِ وَالسَّجْنِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْتَلُ.

(وَأُخِذَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مِنْهُ) أَيْ مَالِ الْمُرْتَدِّ أَرْشُ (مَا جَنَى) قَبْلَ رِدَّتِهِ أَوْ بَعْدَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>