للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُقِرَّ كَافِرٌ انْتَقَلَ لِكُفْرٍ آخَرَ

وَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ فَقَطْ:

ــ

[منح الجليل]

وَأُقِرَّ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، أَيْ تُرِكَ شَخْصٌ (كَافِرٌ اُنْتُقِلَ) مِنْ كُفْرِهِ (لِكُفْرٍ آخَرَ) كَيَهُودِيٍّ تَنَصَّرَ وَنَصْرَانِيٍّ تَهَوَّدَ أَوْ تَمَجَّسَ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ أَوْ عَكْسُهُ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» مَحْمُولٌ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ الْمُعْتَبَرِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

الْبَاجِيَّ مَنْ تَزَنْدَقَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَا يُقْتَلُ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ كُفْرٍ إلَى كُفْرٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ دِينٌ لَا يُقِرُّ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَلَا تُؤْخَذُ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ. ابْنُ حَبِيبٍ لَمْ أَعْلَمْ مَنْ قَالَهُ غَيْرُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالزَّنْدَقَةِ التَّعْطِيلَ، وَمَذْهَبُ الدَّهْرِيَّةِ مِمَّا لَيْسَ شَرِيعَةً أَوْ يُرِيدُ الْإِسْرَارَ بِمَا خَرَجَ إلَيْهِ وَإِظْهَارَ مَا خَرَجَ مِنْهُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَإِذَا أَسْلَمَ الْيَهُودِيُّ الَّذِي تَزَنْدَقَ فَقَدْ رَوَى أَبُو زَيْدٍ الْأَنْدَلُسِيُّ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ يُقْتَلُ كَمُسْلِمٍ تَزَنْدَقَ ثُمَّ تَابَ.

(وَ) إنْ أَسْلَمَ كَافِرٌ لَهُ أَوْلَادٌ (حُكِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِإِسْلَامِ مَنْ) أَيْ وَلَدٍ (لَمْ يُمَيِّزْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ بِ) سَبَبِ (إسْلَامِ أَبِيهِ فَقَطْ) أَيْ لَا بِإِسْلَامِ أُمِّهِ وَجَدِّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي نِكَاحِهَا الثَّالِثِ تَبَعِيَّةُ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ لِأَبِيهِ فِي الدِّينِ، وَإِنَّ إسْلَامَهُ إسْلَامٌ لِصَغِيرِ وَلَدِهِ مُطْلَقًا وَمِنْ لَفْظِهَا وَالنَّصْرَانِيُّ يُسْلِمُ وَوَلَدُهُ صِغَارُهُمْ مُسْلِمُونَ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِ أَبِيهِمْ. عِيَاضٌ فَضْلُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ الرُّوَاةِ مَنْ قَالَ لَيْسَ إسْلَامُ أَبِيهِمْ إسْلَامًا لَهُمْ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا.

قُلْتُ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ إسْلَامُ الْأَبَوَيْنِ إسْلَامٌ لِأَوْلَادِهِمَا الصِّغَارِ، وَأَمَّا مَنْ مَيَّزَ فَهَلْ يَكُونُ إسْلَامُهُمَا إسْلَامًا لَهُ قَوْلَانِ. قُلْتُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي سِنِّ مَنْ لَا يُمَيِّزُ فَهُوَ مُسْلِمٌ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ، وَإِنْ عَقِلَ دِينَهُ فَلَا يَكُونُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبِيهِ. قُلْتُ فَفِي تَبَعِيَّةِ الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُرَاهِقِ لِأَبِيهِ فِي إسْلَامِهِ وَكُفْرِهِ دُونَ أُمِّهِ وَتَبَعِيَّتِهِ لِأَوَّلِهِمَا إسْلَامًا مَعْرُوفَ الْمَذْهَبِ، وَنَقَلَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ تَبَعِيَّتَهُ لِأُمِّهِ كَالْحُرِّيَّةِ لَا أَعْرِفُهُ فِي الْمَذْهَبِ. وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>