للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ ذَمَّهُ، لِجَهْلٍ، أَوْ سُكْرٍ، أَوْ تَهَوُّرٍ؛

ــ

[منح الجليل]

يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» وَيُقْتَلُ السَّابُّ الْمُسْلِمُ أَوْ الْكَافِرُ إنْ ظَهَرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ أَرَادَ ذَمَّهُ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ شَيْءٌ، بَلْ (وَإِنْ ظَهَرَ) مِنْ حَالِهِ (أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ يَقْصِدْ بِسَبِّهِ (ذَمَّهُ) وَسَبَّهُ إمَّا (لِجَهْلٍ أَوْ سُكْرٍ) بِحَرَامٍ، وَأَفْتَى أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ بِقَتْلِ مَنْ شَتَمَ فِي سُكْرِهِ لِظَنٍّ بِهِ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ فِي صَحْوٍ وَلِأَنَّ قَتْلَهُ حَدٌّ وَالسُّكْرُ لَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِنْ الْحُدُودِ (أَوْ) سَبَّ لِ (تَهَوُّرٍ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَاءِ وَضَمِّ الْوَاوِ مُثَقَّلَةً أَيْ تَوَسُّعٍ وَمُبَالَغَةٍ (فِي) كَثْرَةِ (كَلَامِهِ) وَقِلَّةِ مُرَاقَبَتِهِ وَعَدَمِ ضَبْطِهِ وَعَجْرَفَتِهِ فَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَلَا بِدَعْوَى زَلَلِ اللِّسَانِ.

عِيَاضٌ مَنْ أَضَافَ إلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكَذِبَ فِيمَا بَلَّغَهُ أَوْ أَخْبَرَ بِهِ أَوْ سَبَّهُ أَوْ اسْتَخَفَّ بِهِ أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ أَوْ آزَرَى عَلَيْهِمْ أَوْ آذَاهُمْ فَهُوَ كَافِرٌ بِإِجْمَاعٍ، وَكَذَا يُكَفَّرُ مَنْ اعْتَرَفَ بِنُبُوَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ قَالَ كَانَ أَسْوَدَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَلْتَحِيَ أَوْ لَيْسَ كَانَ بِمَكَّةَ وَالْحِجَازِ أَوْ لَيْسَ بِقُرَشِيٍّ لِأَنَّ وَصْفَهُ بِغَيْرِ صِفَتِهِ الْمَعْلُومَةِ نَفْيٌ لَهُ وَتَكْذِيبٌ بِهِ، ثُمَّ قَالَ وَحُكْمُ مَنْ سَبَّ أَنْبِيَاءَهُ تَعَالَى وَمَلَائِكَتَهُ أَوْ اسْتَخَفَّ بِهِمْ أَوْ كَذَّبَهُمْ أَوْ أَنْكَرَهُمْ حُكْمُ مِنْ سَبَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَسَاقِ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ حُقِّقَ كَوْنَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ كَجِبْرِيلَ وَرِضْوَانَ وَالزَّبَانِيَةِ وَمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ تَثْبُتْ الْأَخْبَارُ بِتَعْيِينِهِ وَلَمْ يُجْمَعْ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ الْأَنْبِيَاءِ كَهَارُوتَ وَمَارُوتَ وَلُقْمَانَ وَذِي الْقَرْنَيْنِ وَمَرْيَمَ وَآسِيَةَ وَخَالِدِ بْنِ سِنَانٍ، فَلَيْسَ حُكْمُ سَابِّهِمْ وَالْكَافِرُ بِهِمْ كَحُكْمِ مَنْ ذُكِرَ، إذْ لَمْ تَثْبُتْ لَهُمْ تِلْكَ الْحُرْمَةُ، لَكِنْ يُؤَدَّبُ مَنْ تَنَقَّصَهُم.

وَأَمَّا مُنْكِرُ نُبُوَّتِهِمْ أَوْ مِلْكِيَّتِهِمْ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَوَامّ زُجِرَ عَنْ الْخَوْضِ فِيهِ، وَقَدْ كَرِهَ السَّلَفُ الْكَلَامَ فِي مِثْلِ هَذَا، ثُمَّ قَالَ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَابَهُ أَوْ أَلْحَقَ بِهِ نَقْصًا فِي نَفْسِهِ أَوْ نَسَبِهِ أَوْ دِينِهِ أَوْ خِصَالِهِ أَوْ عَرَّضَ بِهِ أَوْ شَبَّهَهُ بِشَيْءٍ عَلَى طَرِيقِ سَبِّهِ وَالْإِزْرَاءِ عَلَيْهِ أَوْ التَّصْغِيرِ لِشَأْنِهِ أَوْ الْغَضِّ مِنْهُ وَالْعَيْبِ فَهُوَ سَابٌّ لَهُ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ السَّابِّ يُقْتَلُ لَا نَسْتَثْنِي فَصْلًا مِنْ فُصُولِ هَذَا الْبَابِ عَلَى هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>