للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ يَهْرُبَ، وَإِنْ فِي الْحَدِّ،

ــ

[منح الجليل]

لَا يُحَدُّ، وَرَأَوْا ذَلِكَ شُبْهَةً لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ ثَانِيًا، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُعْذَرُ إلَّا بِأَمْرٍ يُعْذَرُ بِهِ، وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَبِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ لِوَجْهٍ وَسَبَبٍ لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي قَبُولِ رُجُوعِهِ. الْبَاجِيَّ إنْ رَجَعَ لِغَيْرِ شُبْهَةٍ، فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٌ أَنْ يُقَالَ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَعَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يُقْبَلُ مِنْهُ.

(أَوْ) إلَّا أَنْ (يَهْرُبَ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ، أَيْ الْمُقِرُّ بِالزِّنَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي حَدِّهِ، بَلْ (وَإِنْ) هَرَبَ (فِي) أَثْنَاءِ (الْحَدِّ) فَيَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي أَوَائِلِ الْحَدِّ أَوْ فِي نِصْفِهِ أَوْ بَعْدَ أَكْثَرِهِ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَاعِزٍ لَمَّا أَخْبَرُوهُ بِأَنَّهُ لَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ هَرَبَ وَقَالَ رُدُّونِي لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَدْرَكُوهُ بِالْحَرَّةِ وَرَجَمُوهُ إلَى أَنْ مَاتَ هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ» .

عب لَوْ حَذَفَ وَإِنْ لَطَابَقَ مَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى، أَوْ الْوَاوُ لِلْحَالِ كَمَا فِي د وَإِنْ زَائِدَةٌ، إذْ هُرُوبُهُ قَبْلَ الْحَدِّ لَا يُسْقِطُهُ فَيُؤْتَى وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَمَا فِي الشَّارِحِ. وَفِي " د " يُؤْتَى وَيُسْتَخْبَرُ عَنْهُ بِخِلَافِ هُرُوبِهِ أَثْنَاءَهُ فَيُسْقِطُهُ لِأَنَّهُ بَعْدَ إذَاقَةِ الْعَذَابِ دَالٌّ عَلَى الرُّجُوعِ وَنَحْوُهُ لِلْخَرَشِيِّ.

الْبُنَانِيُّ التَّفْرِقَةُ الْمَذْكُورَةُ لِلشَّارِحِ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهَا أَحْمَدُ وعج وَتَلَامِذَتُهُ، وَفِيهَا نَظَرٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ مُبَالَغَةٌ عَلَى حَقِيقَتِهَا، وَقَرَّرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَلَى ظَاهِرِهِ. الْمِسْنَاوِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْهُرُوبِ بَعْدَ إذَاقَةِ الْعَذَابِ لِأَنَّهُ أَدَلُّ عَلَى أَنَّهُ لِلْأَلَمِ مِنْ الْهُرُوبِ قَبْلَ ذَلِكَ. طفي أَوْ يَهْرُبُ وَإِنْ فِي الْحَدِّ. الشَّارِحُ يُكَفُّ عَنْهُ إذَا هَرَبَ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ، وَقَدْ «هَرَبَ مَاعِزٌ لَمَّا رُجِمَ فَاتَّبَعُوهُ فَقَالَ رُدُّونِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَرُدُّوهُ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ» ، ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الرَّاجِعِ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ فَرُوِيَ أَنَّهُ إذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْحَدِّ كُمِّلَ عَلَيْهِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ يُقْبَلُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ فِي الْحَدِّ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ لَا إلَى قَوْلِهِ أَوْ يَهْرُبَ لِأَنَّ الْهُرُوبَ الْمَقْبُولَ إنَّمَا يَكُونُ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ كَمَا وَرَدَ، اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>