الْمُكَلَّفِ حُرًّا مُسْلِمًا،
ــ
[منح الجليل]
وَإِنْ جُبَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ حُدَّ قَاذِفُهُ، وَكَذَلِكَ الْحَصُورُ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ آلَةُ النِّسَاءِ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا فِي أَوَائِلِ الرَّجْمِ يُحَدُّ قَاذِفُ الْمَجْنُونِ وَكَانَ يَجْرِي لَنَا مُنَاقَضَتُهَا فِي الْقَذْفِ كُلُّ مَا لَا يَقُومُ فِيهِ الْحَدُّ لَيْسَ عَلَى مَنْ رَمَى بِهِ رَجُلًا حَدُّ الْفِرْيَةِ، وَيُجَابُ بِحَمْلِ قَوْلِهَا فِي الرَّجْمِ عَلَى الْمَجْنُونِ الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانًا اهـ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ يُحَدُّ قَاذِفُ الْمَجْنُونِ مَعْنَاهُ إنْ بَلَغَ صَحِيحًا ثُمَّ جُنَّ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَاعْتُرِضَ أَيْضًا بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَذْفَ بِقَطْعِ النَّسَبِ يُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ كُلُّهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إلَّا الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ اهـ.
قُلْت قَوْلُهُ يَقْتَضِي إلَخْ مَمْنُوعٌ، إذْ قَوْلُهُ أَوْ قَطْعُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ نِسْبَةُ لَا عَلَى زِنًا.
وَإِضَافَةُ قَذْفِ (الْمُكَلَّفِ) أَيْ الْمُلْزَمِ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلَةِ فَلَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ الصَّبِيُّ وَلَا الْمَجْنُونُ. طفي لَوْ قَالَ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ كَمَا قَالَ فِي الدِّمَاءِ لَوَافَقَ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ، إذْ قَذْفُ حَرْبِيٍّ فِي بَلَدِ الْحَرْبِ مُسْلِمًا أَوْ أُسِرَ فَلَا يُحَدُّ لِلْقَذْفِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَتْلَ مَوْضُوعٌ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا وَأَمَّا وَإِنْ أَتَى حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ فَقَذَفَ مُسْلِمًا فَإِنَّهُ يُحَدُّ.
وَشَرْطُ الْمَقْذُوفِ كَوْنُهُ (حُرًّا) فَلَا يُحَدُّ الْمُكَلَّفُ الَّذِي قَذَفَ رِقًّا. الْحَطّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ " - رَحِمَهُ اللَّهُ - " أَنَّ مَنْ نَفَى نَسَبَ عَبْدٍ لَا يُحَدُّ وَلَوْ كَانَ أَبَوَاهُ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَفِيهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ وَأَبَوَاهُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ لَسْت لِأَبِيك ضُرِبَ الْحَدَّ، فَإِنْ كَانَ أَبَوَا الْعَبْدِ مَاتَا وَلَا وَارِثَ لَهُمَا فَلِلْعَبْدِ حَدُّ سَيِّدِهِ، وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ اخْتِلَافٌ. فِيهَا إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ لَسْت لِأَبِيك وَأَبُوهُ مُسْلِمٌ وَأُمُّهُ كَافِرَةٌ أَوْ أَمَةٌ فَوَقَفَ فِيهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَا أَرَى أَنْ يُحَدَّ لِحَمْلِ أَبِيهِ عَلَى غَيْرِ أُمِّهِ، وَكَوْنُهُ (مُسْلِمًا) فَلَا يُحَدُّ الْمُكَلَّفُ الَّذِي قَذَفَ حُرًّا كَافِرًا سَوَاءٌ كَانَ كُفْرُهُ أَصْلِيًّا أَوْ بِارْتِدَادٍ، فِيهَا مَنْ قَذَفَ رَجُلًا ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْذُوفُ أَوْ قَذَفَهُ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ وَلَوْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ. الْحَطّ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ إذَا قَذَفَ حُرٌّ عَبْدًا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَطَلَبَ الْعَبْدُ تَعْزِيرَ قَاذِفِهِ فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ فِي مِثْلِ هَذَا تَعْزِيرٌ، وَنُهِيَ قَاذِفُهُ أَنْ يُؤْذِيَهُ، فَإِنْ كَانَ رَجُلًا فَاحِشًا مَعْرُوفًا بِالْأَذَى عُزِّرَ وَأُدِّبَ عَنْ أَذَى الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ اهـ. وَفِي النَّوَادِرِ يُؤَدَّبُ قَاذِفُ الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ لِإِذَايَتِهِ لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute