أَوْ زِنًا، إنْ كُلِّفَ، وَعَفَّ عَنْ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ
ــ
[منح الجليل]
عِنْدَ شِدَّةٍ وَجَدْبٍ لَا عِنْدَ وِلَادَتِهِ وَلِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَبْسُوطَةِ مِثْلُ هَذَا فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا مَنْبُوذُ، قَالَ لَمْ نَعْلَمْ مَنْبُوذًا إلَّا وَلَدَ الزِّنَا، وَأَرَى عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ الْحَدُّ، وَكُلُّ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ اسْتَلْحَقَ لَقِيطًا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يَعِشْ لَهُ وَلَدٌ، وَسَمِعَ قَوْلَ النَّاسِ إذَا طُرِحَ عَاشَ، وَهَذَا إنَّمَا يُفْعَلُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ اهـ.
ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ أَطْلَقَ ابْنُ شَعْبَانَ عَلَى اللَّقِيطِ لَفْظَ مَنْبُوذٍ، وَتَرْجَمَ عَلَى أَحْكَامِهِ فِي الْمُوَطَّإِ بِالْقَضَاءِ فِي الْمَنْبُوذِ اللَّقِيطِ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَنْبُوذَ هُوَ مَنْ طُرِحَ عِنْدَ وِلَادَتِهِ وَأَنَّ اللَّقِيطَ مَنْ طُرِحَ بَعْدَهَا لِشِدَّةٍ، وَأَنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى اللَّقِيطِ اسْمُ الْمَنْبُوذِ إذَا عُلِمَ ذَلِكَ، فَقَوْلُهُ وَلَا إنْ نُبِذَ الظَّاهِرُ مِنْ مَعْنَاهُ، وَأَنَّ مَنْ نَفَى مَنْبُوذًا عَنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ مُعَيَّنٍ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ إذْ لَا أَبَ لَهُ مُعَيَّنٌ وَلَا جَدَّ فَلَا نَسَبَ لَهُ، هَذَا إذَا كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ لَا أَبَا لَهُ أَوْ يَا وَلَدَ الزِّنَا فَهَذَا يَأْتِي عَلَى مَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمَبْسُوطِ، وَعَنْ ابْنِ حَبِيبٍ، وَمَا حَكَاهُ عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَا فِي الْبَيَانِ، وَحَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ غَازِيٍّ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِح وَالْمُحَشِّي مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَالَ لِمَنْبُوذٍ يَا ابْنَ الزَّانِي أَوْ الزَّانِيَةِ فَبَعِيدٌ، لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي نَفْيِ النَّسَبِ لَا فِي الْقَذْفِ بِالزِّنَا، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَالَ لِمَنْبُوذٍ يَا وَلَدَ الزَّانِي أَوْ الزَّانِيَةِ، وَالْعِلَّةُ فِي هَذَا كَوْنُهُ وَلَدَ زَانِيَةٍ لَا كَوْنُ أَبِيهِ وَأُمِّهِ غَيْرَ مَعْرُوفَيْنِ لِأَنَّ هَذَا فِي اللَّقِيطِ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى حَدِّ مَنْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ.
(أَوْ) قَذَفَ الْمُكَلَّفُ حُرًّا مُسْلِمًا بِ (زِنًا) بِالْمَعْنَى الْعَامِّ الشَّامِلِ لِلِّوَاطِ (إنْ كُلِّفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ أُلْزِمَ الْمَقْذُوفُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَهُوَ الْبَالِغُ فَلَا يُحَدُّ مَنْ قَذَفَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ بِزِنًا (وَ) إنْ (عَفَّ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ مُثَقَّلًا، أَيْ صَانَ الْمَقْذُوفُ نَفْسَهُ عَنْ الزِّنَا فَلَا يُحَدُّ مَنْ قَذَفَ مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الزِّنَا، وَلَوْ حُدَّ فِيهِ وَتَابَ مِنْهُ وَصِلَةُ عَفَّ (عَنْ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ) أَيْ الرَّجْمَ أَوْ الْجَلْدَ، وَإِنْ لَمْ يَعِفَّ عَمَّا دُونَهُ كَمُقَدِّمَاتٍ وَإِتْيَانِ بَهِيمَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute