وَإِنْ حَصَلَ فِي الْحَدِّ اُبْتُدِئَ لَهُمَا، إلَّا أَنْ يَبْقَى يَسِيرٌ، فَيُكَمَّلُ الْأَوَّلُ.
ــ
[منح الجليل]
فِي عَدَمِ قَطْعِ يَدِ السَّارِقَةِ بَعْدَ رَفْعِهَا لَهُ، وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى» .
فِيهَا لَهُ الْعَفْوُ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ إنْ أَرَادَ السَّتْرَ مِثْلَ أَنْ يَخَافَ أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْفُ قِيلَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " كَيْفَ يَعْلَمُ الْإِمَامُ ذَلِكَ، قَالَ يَسْأَلُ الْإِمَامُ عَنْ ذَلِكَ سِرًّا، فَإِنْ أُخْبِرَ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ قَدْ سُمِعَ وَأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ جَازَ عَفْوُهُ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَعْنَى إرَادَةِ السَّتْرِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ قَدِيمًا فَيَخَافُ أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ الْآنَ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مَعْنَى إرَادَةِ السَّتْرِ كَوْنُ مِثْلِهِ يُتَّهَمُ بِذَلِكَ فَيَقُولُ ظُهُورُ ذَلِكَ عَارٍ عَلَيَّ. فَأَمَّا الْعَفِيفُ الْفَاضِلُ فَلَا يَجُوزُ عَفْوُهُ. الصِّقِلِّيُّ هَذَا إنْ قَذَفَهُ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ قَذَفَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا وَقَدْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ فَلَا يَجُوزُ الْعَفْوُ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ، نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ.
(تَنْبِيهٌ)
لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ عَفْوِ الِابْنِ عَنْ أَبِيهِ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ، وَكَذَلِكَ عَنْ جَدِّهِ لِأَبِيهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ أَفَادَهُ الْحَطّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَلَوْ قَامَ بِهِ وَبَلَغَ الْإِمَامَ.
(وَإِنْ قَذَفَ) الْقَاذِفُ أَيْ حَصَلَ مِنْهُ قَذْفٌ آخَرُ لِلْمَقْذُوفِ أَوَّلًا أَوْ لِغَيْرِهِ (فِي أَثْنَاءِ حَدِّهِ) أَيْ الْقَاذِفِ أُلْغِيَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِّهِ وَ (اُبْتُدِئَ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ حَدُّهُ (لَهُمَا) أَيْ الْقَذْفَيْنِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يَبْقَى) مِنْ الْحَدِّ الَّذِي قَذَفَ فِيهِ عَدَدٌ (يَسِيرٌ) كَخَمْسَةَ عَشَرَ سَوْطًا (فَيُكَمَّلُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَالْمِيمِ الْحَدُّ (الْأَوَّلُ) وَيُسْتَأْنَفُ حَدُّ الثَّانِي.
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَذَفَ رَجُلًا فَلَمَّا ضُرِبَ أَسْوَاطًا قَذَفَهُ ثَانِيًا أَوْ قَذَفَ آخَرَ اُبْتُدِئَ عَلَيْهِ الْحَدُّ ثَمَانِينَ مِنْ حِينَ قَذَفَ ثَانِيًا وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا مَضَى مِنْ السِّيَاطِ. الْبَاجِيَّ إنْ بَقِيَ مِثْلُ الْأَسْوَاطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute