للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ اشْتَرَكَا فِي حَمْلٍ، إنْ اسْتَقَلَّ كُلٌّ، وَلَمْ يَنُبْهُ نِصَابُ مِلْكِ غَيْرٍ

ــ

[منح الجليل]

ابْنُ رُشْدٍ فَلَمْ يُصَدِّقْ سَحْنُونٌ فِي أَنَّهَا سَرِقَاتٌ مُتَفَرِّقَاتٌ إذَا كَانَتْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَصَدَّقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَوْلُهُ أَوْلَى لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ. قَالَ وَهَذَا فِيمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَادَ فِيهِ لِسَرِقَةٍ أُخْرَى، وَأَمَّا مِثْلُ الْقَمْحِ وَشِبْهِهِ مِنْ الْمُبْتَاعِ الَّذِي يَجِدُهُ مُجْتَمِعًا وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يُخْرِجَهُ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فَيَنْقُلُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَهَذِهِ سَرِقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا خَرَجَ بِنِيَّةِ عَوْدِهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهَا سَرِقَةٌ أُخْرَى بِنِيَّةٍ ثَانِيَةٍ كَمَا قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ فِيهِ.

(أَوْ اشْتَرَكَا) أَيْ السَّارِقَانِ الْمُكَلَّفَانِ (فِي حَمْلٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ لِنِصَابٍ وَإِخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِهِ فَلَا يُقْطَعَانِ (إنْ) كَانَ قَدْ (اسْتَقَلَّ) أَيْ قَدْرُ (كُلٍّ) مِنْهُمَا بِحَمْلِهِ وَحْدَهُ بِدُونِ إعَانَةِ الْآخَرِ (وَلَمْ يَنُبْهُ) أَيْ كُلًّا مِنْهُمَا (نِصَابٌ) مِنْ الْمَسْرُوقِ إذَا قَسَمَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحَمْلِهِ فَيَقَعَانِ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَسَارِقٍ وَاحِدٍ، وَكَذَا إنْ اسْتَقَلَّ كُلٌّ وَنَابَ كُلًّا نِصَابٌ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ أَخْرَجَ جَمِيعُهُمْ سَرِقَةً حَمَلُوهَا لَا يُسْتَطَاعُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِجَمَاعَتِهِمْ قُطِعُوا بِبُلُوغِهَا رُبُعَ دِينَارٍ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَتْ خَفِيفَةً خَرَجَ بِهَا جَمِيعُهُمْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ بِهَا أَحَدُهُمْ، فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَا يُقْطَعُونَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَقَطْ، وَحَكَى ابْنُ الْقَصَّارِ أَنَّ الْخَفِيفَةَ بِمَنْزِلَةِ الثَّقِيلَةِ.

اللَّخْمِيُّ لَوْ كَانَ شَيْئًا لَا يَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِهِ أَحَدُهُمْ وَيَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِهِ اثْنَانِ فَخَرَجَ بِهِ أَرْبَعَةٌ جَرَتْ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْخَفِيفَةِ وَالْقِيَاسُ فِي الثَّقِيلَةِ الَّتِي لَا يَحْمِلُهَا إلَّا جَمِيعُهُمْ اعْتِبَارُ النِّصَابِ فِي حَقٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ الَّذِي يَنْوِيهِ مِمَّا حُمِلَ وَلِأَنَّ الْقَطْعَ فَرْعٌ عَمَّا يَغْرَمُهُ، وَلِقَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ رُبُعَ قِيمَةِ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى شُهُودِ الزِّنَا عَلَى مُحْصَنٍ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ لَا يَغْرَمُ إلَّا رُبُعَ الدِّيَةِ وَهُوَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَتْلِهِ إلَّا بِشَهَادَةِ أَصْحَابِهِ، فَإِنْ حَمَلُوهَا عَلَى أَحَدِهِمْ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى حَمْلِهَا إلَّا بِتَحْمِيلِهِمْ فَيُقْطَعُ الْخَارِجُ بِهَا. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ الَّذِي حَمَلُوهَا عَلَيْهِ كَمَا لَوْ حَمَلُوهَا عَلَى دَابَّةٍ. وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ يُقْطَعُ الْخَارِجُ بِهَا وَحْدَهُ وَوَافَقَ عَلَى أَنَّهُمْ يُقْطَعُونَ إذَا حَمَلُوهَا عَلَى دَابَّةٍ. وَشَرْطُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ رُبُعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِيهَا كَوْنُهَا فِي (مِلْكِ غَيْرٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>