وَنُدِبَ: إحْيَاءُ لَيْلَتِهِ، وَغُسْلٌ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ وَتَطَيُّبٌ وَتَزَيُّنٌ، وَإِنْ لِغَيْرِ مُصَلٍّ،
ــ
[منح الجليل]
فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ فِيهَا اخْتِلَافًا هَلْ يُكَبِّرُ سِتًّا أَوْ سَبْعًا، وَهُوَ شَيْءٌ مُحْتَمَلٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ فِي الْفَرَائِضِ إذَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ الْجُلُوسَ فَكَبَّرَ وَجَلَسَ قَدْ قَالَ إنَّهُ إذَا قَامَ كَبَّرَ هَذَا الَّذِي يُسْتَحَبُّ، فَقَدْ يَقُولُ قَائِلٌ كَمَا جَعَلَهُ هُنَا يُكَبِّرُ فَكَذَا فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ يُكَبِّرُ إذَا قَامَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ قَدْ قِيلَ ذَلِكَ وَلَكِنْ قَالَ فِي الْأُمِّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ التَّكْبِيرِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يُكَبِّرُ سِتًّا فَقَطْ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا وَقَعَ لَهُ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ أَنَّهُ فِي الْفَرِيضَةِ سَلَّمَ الْإِمَامُ فَهُوَ مُبْتَدِئٌ لِلْقِيَامِ، وَلَا بُدَّ لِمُبْتَدِئِ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ مِنْ تَكْبِيرٍ، فَاسْتُحِبَّ ذَلِكَ لِهَذَا. وَأَمَّا فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَهُوَ حِينَ قِيَامِهِ يُكَبِّرُ غَيْرَ تَكْبِيرَةٍ فَمَا خَلَا مُبْتَدَأَ قِيَامِهِ مِنْ تَكْبِيرٍ فَافْتَرَقَا.
(وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (إحْيَاءُ لَيْلَتِهِ) أَيْ الْعِيدِ بِالْعِبَادَةِ مِنْ صَلَاةٍ، وَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَذِكْرٍ وَاسْتِغْفَارٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ وَلَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ.» وَمَعْنَى عَدَمِ مَوْتِ قَلْبِهِ عَدَمُ تَحَيُّرِهِ عِنْدَ النَّزْعِ. وَفِي الْقَبْرِ وَالْقِيَامَةِ بِأَنْ يَكُونَ قَلْبُهُ عِنْدَ النَّزْعِ مُطْمَئِنًّا، وَكَذَا فِي الْقَبْرِ وَالْقِيَامَةِ. وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الزَّمَنُ الشَّامِلُ لِوَقْتِ النَّزْعِ وَوَقْتِ الْقِيَامَةِ الْحَاصِلِ فِيهِمَا التَّحَيُّرُ، وَقِيلَ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ بِحُبِّ الدُّنْيَا حَتَّى تَصُدَّهُ عَنْ الْآخِرَةِ. وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِإِحْيَاءِ مُعْظَمِ اللَّيْلِ، وَقِيلَ بِثُلُثِهِ الْأَخِيرِ، وَقِيلَ بِسَاعَةٍ وَنَحْوِهِ فِي أَذْكَارِ النَّوَوِيِّ، وَقِيلَ بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ وَالْأَوْلَى اللَّيْلُ كُلُّهُ.
(وَ) نُدِبَ (غُسْلٌ) كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ، وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِأَوَّلِ السُّدُسِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ (وَ) نُدِبَ (بَعْدَ) صَلَاةِ (الصُّبْحِ) ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْمَشْهُورَ نَدْبُهُ، وَنَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَرَجَّحَ اللَّخْمِيُّ وَسَنَدٌ وَالْفَاكِهَانِيُّ سُنِّيَّتَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهُ بِالْغَدِ، وَإِلَى الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لِلْيَوْمِ لَا لَهَا (وَتَطَيُّبٌ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ مُشَدَّدَةً (وَتَزَيُّنٌ) كَذَلِكَ بِالثِّيَابِ الْجَدِيدَةِ إنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ لِمُصَلٍّ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ بِالنِّسْبَةِ (لِغَيْرِ مُصَلٍّ) رَاجِعٌ لِلْإِحْيَاءِ وَمَا بَعْدَهُ، وَلَا يَنْبَغِي تَرْكُ إظْهَارِ الزِّينَةِ وَالتَّطْبِيبِ فِي الْأَعْيَادِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا تَقَشُّفًا؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهَا أَيَّامَ فَرَحٍ وَسُرُورٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute