وَلَا إنْ نَقَبَ فَقَطْ، وَإِنْ الْتَقَيَا وَسَطَ النَّقْبِ؛
ــ
[منح الجليل]
إنْ نَقَبَ) الْحِرْزَ (فَقَطْ) أَيْ وَلَمْ يُخْرِجْ مِنْهُ شَيْئًا لِأَنَّهُ غَايَتُهُ أَنَّهُ هَتَكَهُ وَعَرَّضَ مَا فِيهِ لِلضَّيَاعِ، وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا يَخْرُجُ مِنْ النَّقْبِ، حَيْثُ لَمْ يُخْرَجْ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ لَوْ نَقَبَهُ وَأَخْرَجَ النِّصَابَ غَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَا مُتَّفِقَيْنِ قُطِعَا وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
قُلْت لَمْ أَعْرِفْ هَذَا الْفَرْعَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ عَلَى أَصْلِهِمْ أَنَّ النَّقْبَ يُبْطِلُ حَقِيقَةَ الْحِرْزِ، وَمَسَائِلُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّقْبَ لَا يُبْطِلُ حَقِيقَتَهُ. وَقَوْلُهُ إنْ تَعَاوَنَا قُطِعَا مُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إلَّا مُخْرِجُهُ لِقَوْلِهَا لَوْ قَرَّبَهُ أَحَدُهُمَا لِبَابِ الْحِرْزِ أَوْ النَّقْبِ فَتَنَاوَلَهُ الْآخَرُ قُطِعَ الْخَارِجُ وَحْدَهُ، إذَا هُوَ أَخْرَجَهُ وَلَا يُقْطَعُ الدَّاخِلُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ رَدٌّ عَلَيْهِ فِي زَعْمِهِ أَنَّ النَّقْبَ يُبْطِلُ حَقِيقَةَ الْحِرْزِ لِقَوْلِهَا لِبَابِ الْحِرْزِ أَوْ النَّقْبِ، وَفِي قَوْلِهِ قُطِعَا وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُمَا نَحْوُ هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ هَذَا النَّوْعِ وَهِيَ إضَافَتُهُمَا إلَى الْمَذْهَبِ مَسَائِلُ الْغَزَالِيِّ مَعَ مُخَالَفَتِهَا أُصُولَ الْمَذْهَبِ، وَلِذَا كَانَ كَثِيرٌ مِنْ مُحَقِّقِي شُيُوخِ شُيُوخِنَا لَا يَنْظُرُ كِتَابَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَرَى قِرَاءَةَ الْجَلَّابِ دُونَهُ. وَلَمَّا ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَهَا فِي الَّذِي قَرَّبَهُ لِبَابِ الْحِرْزِ أَوْ النَّقْبِ قَالَ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُقْطَعَانِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْفَصْلِ بِعَيْنِهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُخْتَصَرِ إذَا قَرَّبَ الدَّاخِلُ الْمَتَاعَ وَأَدْخَلَ الْخَارِجُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ فَلَا يُقْطَعُ الْخَارِجُ، وَرَأَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يَجْتَمِعَ الدُّخُولُ وَإِخْرَاجُ الْمَتَاعِ كَمَا إذَا رَمَى الْمَتَاعَ وَأُخِذَ قَبْلَ خُرُوجِهِ. قُلْت فَيَتَحَصَّلُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. (وَإِنْ الْتَقَيَا) أَيْ السَّارِقَانِ الدَّاخِلُ فِي الْحِرْزِ وَالْخَارِجُ عَنْهُ الْمُتَعَاوِنَانِ عَلَى السَّرِقَةِ بِمُنَاوَلَةِ الدَّاخِلِ الْخَارِجَ بِيَدِهَا فِي الْمُنَاوَلَةِ (وَسَطَ النَّقْبِ) . ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ الْتَقَتْ أَيْدِيهِمَا فِي الْمُنَاوَلَةِ فِي وَسَطِ النَّقْبِ قُطِعَا مَعًا. اللَّخْمِيُّ هَذَا رَجَعَ لِقَوْلِ أَشْهَبَ فِيمَنْ قَرَّبَ الْمَتَاعَ إلَى النَّقْبِ وَأَخْرَجَهُ الْخَارِجُ يُقْطَعَانِ، وَكَانَ الْأَصْلُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ لَا يُقْطَعَ الدَّاخِلُ لِأَنَّ مَعُونَتَهُ فِي الْحِرْزِ وَالنَّقْبِ مِنْهُ إلَّا أَنْ تَتَمَادَى مَعُونَتُهُ مَعَ الْخَارِجِ حَتَّى أَخْرَجَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute