للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقُبِلَ رُجُوعُهُ وَلَوْ بِلَا شُبْهَةٍ،

ــ

[منح الجليل]

إقْرَارِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ يُقْطَعُ إلَّا أَنْ يَقُولَ دَفَعَهَا إلَيَّ فُلَانٌ، وَإِنَّمَا أَقْرَرْت لِمَا أَصَابَنِي، وَلَوْ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ فَلَا يُقْطَعُ لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ وَلَوْ ثَبَتَ عَلَى إقْرَارِهِ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ السَّرِقَةَ وَيَعْرِفَ أَنَّهَا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ أَقَرَّ فِي حَبْسِ سُلْطَانٍ يَعْدِلُ لَزِمَهُ إقْرَارُهُ، وَكَيْفَ يَنْبَغِي إذَا حَبَسَ أَهْلَ الظِّنَّةِ وَمَنْ يَسْتَوْجِبُ الْحَبْسَ وَأَقَرَّ فِي حَبْسِهِ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ، قَالَ وَإِنَّمَا يَعْرِفُ هَذَا مَنْ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ، وَاعْتَمَدَ ابْنُ عَاصِمٍ قَوْلَ سَحْنُونٍ فَقَالَ فِي تُحْفَتِهِ:

وَإِنْ يَكُنْ مُطَالِبَ مَنْ يَتَّهِمُ ... فَمَالَك بِالضَّرْبِ وَالسِّجْنِ حُكْمُ

وَحَكَمُوا بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ ... مِنْ ذَاعِرٍ يُحْبَسُ لِاخْتِبَارِ

وَذَاعِرٌ بِإِعْجَامِ الذَّالِ أَيْ خَائِفٌ وَبِإِهْمَالِهَا، أَيْ مُفْسِدٌ، وَبِالزَّايِ شَرِسُ الْأَخْلَاقِ، وَحُمِلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَّهَمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَقُبِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (رُجُوعُهُ) أَيْ مَنْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ طَائِعًا عَنْ إقْرَارِهِ بِهَا إنْ كَانَ رُجُوعُهُ لِشُبْهَةٍ، كَأَخَذْت مَالِي الْمُودَعَ أَوْ الْمَرْهُونَ أَوْ مِنْ غَاصِبِهِ خُفْيَةً، وَظَنَنْت ذَلِكَ سَرِقَةً، بَلْ (وَلَوْ) رَجَعَ (بِلَا شُبْهَةٍ) مُقْتَضِيَةٍ لِرُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ بِأَنْ قَالَ: إنَّهُ كَذَبَ فِي إقْرَارِهِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُقِرُّ بِهَا عَبْدًا وَعَيَّنَهَا فَيُقْطَعُ وَلَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ، وَقَبُولُ رُجُوعِهِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَطْعِ. وَأَمَّا الْغُرْمُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ أَفَادَهُ شب.

أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى قَبُولِ رُجُوعِ الْمُقِرِّ بِالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ مَا أَقَرَّ بِهِ السَّارِقُ. الْبَاجِيَّ إنْ رَجَعَ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٌ أَنَّهُ يُقَالُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ بَعْدَ ضَرْبٍ وَتَهْدِيدٍ فَلَا يُقْطَعُ بِمُجَرَّدِهِ. وَاخْتُلِفَ إذَا عَيَّنَ عَلَى قَوْلَيْنِ قَائِمَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، فَعَلَى الْقَطْعِ إنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ قُبِلَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَعَلَى عَدَمِهِ إنْ تَمَادَى عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَ أَنْ أَمِنَ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>