للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا، وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ: الْعَفْوُ

ــ

[منح الجليل]

مَعَ الْقَاتِلِ (وَ) لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَتْلُ وَ (لَوْ جَاءَ) الْمُحَارِبُ حَالَ كَوْنِهِ (تَائِبًا) مِنْ حِرَابَتِهِ عَلَى الْمَشْهُور فَلَا تُسْقِطُ عَنْهُ تَوْبَتُهُ حَقَّ الْمَقْتُولِ. فِيهَا إنْ كَانُوا جَمَاعَةً قَتَلُوا رَجُلًا فَقَتَلَهُ أَحَدُهُمْ وَالْبَاقُونَ عَوْنٌ لَهُ فَأُخِذُوا قُتِلُوا كُلُّهُمْ، وَإِنْ تَابُوا قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذُوا وُقِفُوا إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ فَقَتَلُوا مَنْ شَاءُوا وَعَفَوْا عَمَّنْ شَاءُوا وَأَخَذُوا الدِّيَةَ مِمَّنْ شَاءُوا، وَقَدْ قَتَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَجُلًا كَانَ نَاظُورًا لِلْبَاقِينَ. زَادَ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقْتَلُونَ وَلَوْ كَانُوا مِائَةَ أَلْفٍ، وَعَزَاهُ الشَّيْخُ لَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتهمْ بِهِ جَمِيعًا. (وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ) لِمَقْتُولِ الْمُحَارِبِ (الْعَفْوُ) عَنْهُ لِأَنَّ قَتْلَهُ لَيْسَ قِصَاصًا مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ وَلِيَّ أَحَدِ الْمُحَارِبِينَ قَتَلَهُ رَجُلٌ مِمَّنْ قَطَعُوا عَلَيْهِ وَلَمْ يُعَاوِنْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ قُتِلُوا أَجْمَعِينَ وَلَا عَفْوَ فِيهِمْ لِإِمَامٍ وَلَا وَلِيٍّ. مَوَّاقٌ ابْنُ عَرَفَةَ وَحَدُّهَا الْأَرْبَعَةُ: الْقَتْلُ أَوْ الصَّلْبُ أَوْ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ أَوْ النَّفْيُ. الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَكِتَابُ ابْنِ سَحْنُونٍ هَذَا التَّخْيِيرُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الِاجْتِهَادِ مِنْ الْإِمَامِ وَمَشُورَةِ الْفُقَهَاءِ بِمَا يَرَاهُ أَتَمَّ مَصْلَحَةً وَلَيْسَ عَلَى هَوَى الْإِمَامِ اللَّخْمِيِّ فِي كَوْنِهِ عَلَى التَّرْتِيبِ أَوْ التَّخْيِيرِ رِوَايَتَا الْأَكْثَرِ وَابْنِ وَهْبٍ، فَعَلَى التَّرْتِيبِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ لَمْ يُخِفْ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا وَلَا قَتَلَ أُخِذَ فِيهِ بِأَيْسَرِ الْحُكْمِ. ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ أَنْ يُجْلَدَ وَيُنْفَى وَيُسْجَنَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُنْفَى إلَيْهِ وَإِنْ أَخَافَ أَوْ أَخَذَ مَالًا أَوْ جَمَعَهُمَا خُيِّرَ فِي قَتْلِهِ وَقَطْعِهِ، وَكَذَا إنْ طَالَ أَمْرُهُ وَنَصَبَ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُ وَعَلَا أَمْرُهُ وَأَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُتِلَ، وَلَا تَخْيِيرَ فِيهِ.

وَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ أَخَافَ النَّاسَ فِي كُلِّ مَكَان وَعَظُمَ فَسَادُهُ وَأَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ فَالسُّلْطَانُ يَرَى فِيهِ رَأْيَهُ فِي أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ، وَيَسْتَشِيرُ فِي ذَلِكَ وَلِأَشْهَبَ فِيمَنْ أَخَذَ بِحَضْرَةِ خُرُوجِهِ وَلَمْ يَخَفْ لِلْإِمَامِ نَفْيُهُ أَوْ قَطْعُهُ أَوْ قَتْلُهُ، وَهُوَ نَحْوُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ قَلِيلَ الْجُرْمِ وَكَبِيرَهُ سَوَاءٌ، وَهَذَا مَا لَمْ يَقْتُلْ، فَإِنْ قَتَلَ تَعَيَّنَ قَتْلُهُ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهِ، وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ يُخَيَّرُ فِي قَتْلِهِ وَلَوْ قَتَلَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>